جديد الرسائل

الأربعاء، 15 أبريل 2020

(2)دروس مختصرة في الصيام من كتاب عمدة الفقه الحنبلي


دخول شهر رمضان

الدرس الثاني :

قال أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد المشهور بابن قدامة: 

[ويجب بأحد ثلاثة أشياء:كمال شعبان،ورؤية هلال رمضان،ووجود غيم أو قتر ليلة الثلاثين يحول دونه]
الشرح

 هذه ثلاث علامات لدخول شهر رمضان ذكرها ابن قدامة:

الأولى : إكمال عدًّة شعبان ثلاثين يومًا .

الثانية :رؤية هلال رمضان.

دليل  المسألَتَين:

عن أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْ قَالَ: قَالَ أَبُو القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ» رواه البخاري(1909) ، ومسلم (1081).
هذا الحديث يدل على أنَّ:
الناس إذا تراءوا الهلال ليلة الثلاثين من شعبان وكان السماء صحوًا فلم يروا الهلال فعليهم أن يكملوا العدة ثلاثين  لقوله:«صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ».

الصوم برؤية هلال رمضان.

الثالثة:[وجود غيم أو قتر ليلة الثلاثين يحول دونه]

هذا على مذهب جمهور الحنابلة أنه إذا حال بين رؤية الهلال سحاب أو قتَر ليلة الثلاثين من شعبان فيجب الصوم احتياطًا،قال المرداوي في «الإنصاف» (3/269):وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ. وَنَصَرُوهُ، وَصَنَّفُوا فِيهِ التَّصَانِيفَ، وَرَدُّوا حُجَجَ الْمُخَالِفِ وَقَالُوا: نُصُوصُ أَحْمَدَ تَدُلُّ عَلَيْهِ، وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. اهـ. 

واستدلوا بأدلة،منها:

-قول النبي صلى الله عليه وسلم:«دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ» رواه الترمذي (2518)، والنسائي (5711) عن الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. 

- أثر عبد الله بن عمر أنه كان إذَا مَضَى مِنْ شَعْبَانَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا يَبْعَثُ مَنْ يَنْظُرُ فَإِنْ رَأَى فَذَاكَ وَإِنْ لَمْ يَرَ وَلَمْ يَحِلْ دُونَ مَنْظَرِهِ سَحَابٌ وَلَا قَتَرٌ أَصْبَحَ مُفْطِرًا وَإِنْ حَالَ دُونَ مَنْظَرِهِ سَحَابٌ أَوْ قَتَرٌ أَصْبَحَ صَائِمًا.

والصحيح أنه لا يُصامُ يومُ الغيم  لأنه يومُ شكٍّ،وفي النهي عن صيامه أدلة:

-قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ»،وقد تقدم.
-عن عمار بن ياسر من صام اليوم الذي يُشك فيه فقد عصى أبا القاسم .

-قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«لا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ».

ونكون استفدنا مما تقدم أن إكمال عدَّة شعبان يكون في حالتين: 
- إذا تراءى الناس الهلال  ليلة الثلاثين وكان السماء صحوًا  ولم يروه،وذلك لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم :«صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ».

- إذا كان في يوم غيم أو قتَر ولم يروا  الهلال،والدليل ما تقدم «فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ».

تنبيه :
قال ابن دقيق العيد في «شرح عمدة الأحكام »(2/7)عن الحديث السابق«لا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ..»: فِيهِ صَرِيحُ الرَّدِّ عَلَى الرَّوَافِضِ، الَّذِينَ يَرَوْنَ تَقْدِيمَ الصَّوْمِ عَلَى الرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّ " رَمَضَانَ " اسْمٌ لِمَا بَيْنَ الْهِلَالَيْنِ. فَإِذَا صَامَ قَبْلَهُ بِيَوْمٍ فَقَدْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ.



وقال الحافظ في«فتح الباري»:فيه رَدٌّ عَلَى مَنْ يَرَى تَقْدِيمَ الصَّوْمِ عَلَى الرُّؤْيَةِ كَالرَّافِضَةِ.اهـ

نحمد الله على نعمة السنة وتحرِّي الأدلة.

انتهى الدرس الثاني ولله الحمد والمنة.