حكم
صيام يوم الغيم -يوم الشك
اختلف العلماء على قولين:
·
فمنهم من ذهب إلى أنه لا يجوز صوم يوم
الغيم على أنه من رمضان للأحاديث التي فيها تعليق الحكم برؤية الهلال أو إكمال عدة
شعبان ثلاثين،ومن هذه الأحاديث:
قول النبي صلى الله عليه وسلم:«إذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا فَإِنْ غُمَّ
عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» أي: أكملوا عدة شعبان ثلاثين،
كما عند البخاري، وفي رواية مسلم «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا ثَلَاثِينَ».
ولحديث النهي عن تقدُّمِ رمضان بيومٍ
أو يومين. روى البخاري (1914)، ومسلم (1082) عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
قَالَ: «لا
يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ
صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ»ومن صام
يوم الشك فقد تقدم رمضان بيوم.
ولقول عمار بن ياسر: «مَنْ صَامَ
الْيَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ مُحَمَّدًا صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، وهذا قول جمهور
العلماء.
·
ومنهم من ذهب إلى وجوب صيام يوم الغيم
احتياطًا للدين، لما جاء عن ابن عمر من فعله،«قَالَ نَافِعٌ: وَكَانَ عَبْدُ
اللَّهِ –بن عمر-إذَا مَضَى مِنْ شَعْبَانَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا يَبْعَثُ
مَنْ يَنْظُرُ فَإِنْ رَأَى فَذَاكَ وَإِنْ لَمْ يَرَ وَلَمْ يَحِلْ دُونَ
مَنْظَرِهِ سَحَابٌ وَلَا قَتَرٌ أَصْبَحَ مُفْطِرًا وَإِنْ حَالَ دُونَ
مَنْظَرِهِ سَحَابٌ أَوْ قَتَرٌ أَصْبَحَ صَائِمًا».
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «دَعْ مَا
يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ» رواه
الترمذي (2518)،
والنسائي (5711)
عن الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
وأجابوا عن قول النبي صلى الله عليه
وسلم: «فَإِنْ
غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» أي: ضيقوه واجعلوه تسعًا وعشرين. وهذا قول جمهور الحنابلة في المشهور عنهم.
وقالوا: فعل ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا يفسر هذه الرواية «فَاقْدُرُوا لَهُ» لأن الصحابي إذا روى عن النبي صلى
الله عليه وسلم ثم فسره وجب الرجوع إلى تفسيره، لأنه أعلم بمرويه.
والصحيح ما تقدم كما فسره بذلك حديث
رسول الله صلى الله عليه و سلم، والأحاديث
يفسِّر بعضها بعضًا، والروايات يفسر بعضها
بعضًا،«فَإِنْ غَبِيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا
عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ».
وأما الاستدلال بفعل ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا فهذا مخالف لما روى، وفي القاعدة
أنه إذا خالف الصحابي مرويَّه فالعبرة بما روى لا بما رأى.
وأما الاستدلال بحديث «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ» فهذا في غير موضعه لأنه مصادم لقوله صلى الله عليه
وعلى آله وسلم: «فَإِنْ
غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ».
فالحاصل في حكم صوم يوم الغيم -وهو يوم
الشك على الصحيح-أنه لا يجوز صومُه، سواء كان
بنية رمضان احتياطًا أو نافلة..،إلا من كان له عادة صيام لقول النَّبِيِّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«لا يَتَقَدَّمَنَّ
أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ،
إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ،
فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ».
وكذا من كان عليه صيام واجب كقضاء
وصيام نذر عليه من قبلُ .. له أن يصوم.
ومن نذر أن يصوم يوم الشك فإنه لا يصح
نذره،لنهي النبي صلى الله عليه على آله وسلم عن صيام يوم الشك. والله أعلم.