فضل
الصيام في شعبان
عَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: لاَ يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ
حَتَّى نَقُولَ: لاَ يَصُومُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلَّا رَمَضَانَ، وَمَا
رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ "رواه البخاري(1969)،ومسلم (1156).
عَنْ
عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ: «هَلْ صُمْتَ مِنْ سَرَرِ هَذَا الشَّهْرِ
شَيْئًا؟» قَالَ: لَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«فَإِذَا
أَفْطَرْتَ مِنْ رَمَضَانَ، فَصُمْ يَوْمَيْنِ مَكَانَهُ»رواه البخاري(1983)،ومسلم (1161).
والمراد بالسرر في
هذا الحديث عند الجمهور آخر الشهر،سميت بذلك لاستسرار القمر فيها ،وهي ليلة ثمانٍ
وعشرين وتسعٍ وعشرين وثلاثين.كما في «فتح
الباري»(1983).
ويشكل على هذا الحديث ما رواه البخاري (1914)، ومسلم (1082) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لا
يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلَّا
أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ».
فيحمل
حديث عمران«هَلْ صُمْتَ مِنْ سَرَرِ هَذَا الشَّهْرِ شَيْئًا؟»كما قال القرطبي في«المفهم»(3/234)على
من كان له عادة أن يصوم، فليستمر على عادته.
ثم قال
القرطبي :وقوله:(فَصُمْ يَوْمَيْنِ مَكَانَهُ)
هذا منه
صلى الله عليه وسلم حمل على ملازمة
عادة الخير حتى لا تقطع، وحضٌّ على ألا يمضي على المكلف مثل شعبان فلم يصم منه
شيئًا، فلما فاته صومه، أمره أن يصوم من شوال يومين ليحصل له أجر من الجنس الذي
فوَّته على نفسه.
قلت:
ويظهر لي: أنه إنما أمره بصوم يومين للمزية التي يختص بها شعبان، فلا بُعد في أن
يقال: إن صوم يوم منه كصوم يومين في غيره. ويشهد لهذا: أنه صلى الله عليه وسلم كان
يصوم منه أكثر مما كان يصوم من غيره، اغتنامًا لمزية فضيلته، والله تعالى أعلم.اهـ