جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 2 مارس 2019

(68)سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ



          [سورة الأنبياء (21):الآيات 51 إلى 56]



﴿وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ (51)إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ(52)قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ(53)قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (54)قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللاَّعِبِينَ (55)قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ(56)﴾. 
-------------------------------------


﴿وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ﴾قال ابن كثير:أَيْ مِنْ صِغَرِهِ أَلْهَمَهُ الْحَقَّ وَالْحُجَّةَ عَلَى قَوْمِهِ.

﴿وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ﴾أَيْ: وَكَانَ أَهْلًا لِذَلِكَ.

﴿إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ﴾قال ابن كثير:هَذَا هُوَ الرُّشْدُ الَّذِي أُوتِيهِ مِنْ صِغَرِهِ الْإِنْكَارُ عَلَى قَوْمِهِ فِي عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ مِنْ دُونِ اللَّهِ.اهـ

﴿التَّماثِيلُ﴾يعني تماثيل على صور بعض المخلوقات.

﴿عاكِفُونَ﴾أي معتكفون على عبادتها.

﴿قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ﴾قال ابن كثير:لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حُجَّةٌ سِوَى صَنِيعِ آبَائِهِمُ الضُّلَّالِ.

﴿لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾قال ابن كثير:أَيِ الْكَلَامُ مَعَ آبَائِكُمُ الَّذِينَ احْتَجَجْتُمْ بِصَنِيعِهِمْ كَالْكَلَامِ مَعَكُمْ، فَأَنْتُمْ وَهُمْ فِي ضَلَالٍ عَلَى غَيْرِ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ،

﴿قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ﴾قال ابن كثير:يَقُولُونَ:هَذَا الْكَلَامُ الصَّادِرُ عَنْكَ تَقُولُهُ لَاعِبًا أَوْ مُحِقًّا فِيهِ، فَإِنَّا لَمْ نَسْمَعْ بِهِ قَبْلَكَ.

﴿قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ﴾قال ابن كثير:أَيْ ربكم الذي لا إله غيره، وهو الذي خلق السموات وَالْأَرْضَ وَمَا حَوَتْ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ الَّذِي ابْتَدَأَ خَلْقَهُنَّ، وَهُوَ الْخَالِقُ لِجَمِيعِ الْأَشْيَاءِ.

﴿وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾قال ابن كثير:أَيْ وَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّهُ لا إله غيره ولا رب سواه.


من فوائد هذه الآيات المباركات:


دعوة نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام قومه إلى توحيد الله سبحانه وترك عبادة الأصنام.


أنه ليس للمشركين حجة في عبادة غير الله سوى التقليد للآباء، قال تعالى:﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (170)﴾[البقرة:170] وقد عدَّ الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي رحمه الله في مسائل الجاهلية التقليد أصلًا من أصول الكفر.


تنبيه


ذكر ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية﴿مَا هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ(52)﴾من سورة الأنبياء أثرًا  أخرجه ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ من طريق سعد بْنِ طَرِيفٍ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ:مر علي رضي الله عنه عَلَى قَوْمٍ يَلْعَبُونَ بِالشِّطْرَنْجِ، فَقَالَ:﴿مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ﴾، لَأَنْ يَمَسَّ أَحَدُكُمْ جَمْرًا حَتَّى يُطْفَأَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّهَا . وسنده ضعيف جدًّا بسبب سعد بن طريف.

فإنه متروك ورماه ابن حبان بالوضع وكان رافضيًا ،وكذلك شيخه أصبغ بن نباتَةَ متروك رُمِيَ بالرَّفْضِ كما في تقريب التهذيب.

وله طريق أخرى عند الآجري في«تحريم النرد والشطرنج والملاهي»(25)من طريق ميسرة النهدي عن علي بن أبي طالب.
وهذا كما قال الشيخ الألباني رحمه الله في«إرواء الغليل»(8/288):

  منقطع ،لأن ميسرة وهو ابن حبيب إنما يروي عن التابعين مثل أبي إسحاق السبيعي وغيره.


وله طريق ثالثة إلى علي وفيها أيضًا كلام.يُراجع الإرواء.