جديد المدونة

جديد الرسائل

الأحد، 6 يناير 2019

(7)الآداب


                 
                          من أدبِ الزيارة



إذا أُقيمت صلاة الجماعة في بيت أناس فصاحب البيت أحقُّ بالإمامة وإن كان غيره أقرأ أو أعلم  منه إلا أن يأذن صاحب البيت لغيره.


لِما روى مسلم (673) عن أبي مسعودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ:«يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا ،وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ».



وقال البخاري: بَابُ إِذَا زَارَ الإِمَامُ قَوْمًا فَأَمَّهُمْ .

ثم أخرج (686)عن  عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصارِيِّ، قَالَ: اسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَذِنْتُ لَهُ فَقَالَ:«أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ؟» فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى المَكَانِ الَّذِي أُحِبُّ، فَقَامَ وَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، ثُمَّ سَلَّمَ وَسَلَّمْنَا.


قال الترمذي رحمه الله في سننه عقب حديث أبي مسعودٍ المتقدم(235):العَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ، قَالُوا: أَحَقُّ النَّاسِ بِالإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ وَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، وَقَالُوا: صَاحِبُ المَنْزِلِ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ.

 وقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا أَذِنَ صَاحِبُ المَنْزِلِ لَغَيْرِهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ  وَكَرِهَهُ بَعْضُهُمْ، وَقَالُوا:السُّنَّةُ أَنْ يُصَلِّيَ صَاحِبُ البَيْتِ.

 قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ:وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُؤَمُّ الرَّجُلُ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يُجْلَسُ عَلَى تَكْرِمَتِهِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ»،فَإِذَا أَذِنَ فَأَرْجُو أَنَّ الإِذْنَ فِي الكُلِّ،وَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا إِذَا أَذِنَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ.


وقال ابن قدامة رحمه الله في المغني(2/150)عن كون المزُوْرِ أحق بالإمامة من غيره:فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو ذَرٍّ،وَحُذَيْفَةُ،وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَهُمْ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَالشَّافِعِيُّ. وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا.

وفي هذا المعنى ما رواه أبوداود(596)،والترمذي(356)عن أَبي عَطِيَّةَ، قَالَ: كَانَ مَالِكُ بْنُ حُوَيْرِثٍ، يَأْتِينَا إِلَى مُصَلَّانَا هَذَا، فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَقُلْنَا لَهُ: تَقَدَّمْ فَصَلِّهْ، فَقَالَ لَنَا: قَدِّمُوا رَجُلًا مِنْكُمْ يُصَلِّي بِكُمْ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ لِمَ لَا أُصَلِّي بِكُمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:«مَنْ زَارَ قَوْمًا فَلَا يَؤُمَّهُمْ، وَلْيَؤُمَّهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ».

وهذا إسناد ضعيف. أبو عطية مجهول عين.

قال الذهبي رحمه الله في ميزان الاعتدال: أبو عطية عن مالك بن الحويرث.

لا يُدرى من هو.روى عنه بُديْلُ بن ميسرة.


وقد حمل بعضهم حديث عتبان على:أن الإمامَ الأعظمَ إذا كان هو الزائر فلا يتقدَّم عليه صاحب البيت،لِأَنَّ وِلَايَتَهُ عَلَى الْبَيْتِ وَعَلَى صَاحِبِهِ وَغَيْرِهِ.

ولقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ».  





ثم المراد مِنْ كون صاحب البيت أحق بالإمامة من غيره إذا كان أهلًا لذلك.

قال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار(3/191):قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَزُورُ أَهْلًا لِلْإِمَامَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا كَالْمَرْأَةِ فِي صُورَةِ كَوْن الزَّائِرِ رَجُلًا، وَالْأُمِّيِّ فِي صُورَة كَوْن الزَّائِر قَارِئًا وَنَحْوهمَا فَلَا حَقَّ لَهُ فِي الْإِمَامَةِ.



استفدنا مما تقدَّم:

اهتمام الشريعة بآداب الزيارة وأحكامها.

أنَّ مِنْ أدبِ الزائر ألا يؤمَّ أهلَ البيت.

لا بأس بإمامة الزائر لصاحب الدار إذا أذِنَ بذلك.

أن الإمامَ الأعظم له الحق في الإمامة من صاحب البيت.

المراد من كون صاحب البيت أحق بالإمامة من غيره إذا كان عنده قدرة وأهليَّة للإمامة.