جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 20 ديسمبر 2018

(65)سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ




                      
                                             فوائد ومسائل من دروس تفسير ابن كثير

                                    [سورة الأنبياء (21)الآية: 45-47]


﴿قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا مَا يُنْذَرُونَ (45) وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (46) وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ (47)﴾.



﴿قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ﴾ قال ابن كثير رَحِمَهُ الله:أَيْ إِنَّمَا أنا مبلغ عن الله ما أنذرتكم به من العذاب وَالنَّكَالِ،لَيْسَ ذَلِكَ إِلَّا عَمَّا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ،وَلَكِنْ لَا يُجْدِي هَذَا عَمَّنْ أَعْمَى اللَّهُ بَصِيرَتَهُ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ.اهـ

﴿ إِذا مَا يُنْذَرُونَ﴾ إذا جاءت «ما»بعد «إذا»فهي زائدة:

يا طالبًا خذ فائدة ... بعد «إذا» «ما» زائدة

﴿وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ﴾ قال ابن كثير رَحِمَهُ الله:أَيْ وَلَئِنْ مَسَّ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ أَدْنَى شَيْءٍ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ لَيَعْتَرِفُنَّ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنَّهُمْ كَانُوا ظالمين لأنفسهم فِي الدُّنْيَا.

﴿وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ ﴾القسط:العدل.

 وأكثر العلماء أن الميزان يوم القيامة هو ميزان واحد ،وأجابوا عن الأدلة التي فيه ذكر الموازين بصيغة الجمع أنه جُمع باعتبار تعدد الأعمال الموزنة فيه.

﴿فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا﴾قال ابن كثير:كَمَا قَالَ تَعَالَى:﴿وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾[الْكَهْفِ:49] وَقَالَ:﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيمًا﴾[النِّسَاءِ:40]،وَقَالَ لُقْمَانُ:﴿ يَا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ﴾ [لُقْمَانَ:16].اهـ

﴿مِثْقالَ﴾ أي:وزن.

﴿وَكَفى بِنا حاسِبِينَ (47)﴾«الباء» بعد «كفى» زائدة والضمير «نا» هو الفاعل مثل:﴿وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (79)﴾[النساء:79].

·     فائدة:

آخر حديث في صحيح البخاري

حديث:«كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ،ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ،حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ:سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ،سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ».



 أول حديث في صحيح البخاري

حديث «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ،وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى،فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا،أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا،فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ».



·     استفدنا مسائل وفوائد من هذه الآيات الكريمات:

1.  أن الرسل وظيفتهم التبليغ والإنذار وليس إلزام الناس بالهداية والقبول ،وكما قال تَعَالَى:﴿إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ﴾[الشورى:48].

2. أن من أعمى الله بصيرته لا ينتفع بما يسمع فصار بمنزلة الأصم لعدم انتفاعه بالوعظ والإنذار ،وكما قال تعالى عن أصحاب النار:﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10)﴾[الملك:10].

3.  تغير حالة الكفار عند نزول العذاب واعترافهم بذنوبهم وندمهم على ذلك في حين لا ينفع فيه الندم.

4.  الإيمان بالميزان يوم القيامة وهذا على الحقيقة وليس بمجاز كما قال بعضهم: إنه عبارة عن العدل،وهذا خلاف ظاهر الأدلة،وحديث البطاقة دليل على أنه ميزان حقيقي، والحديث عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وفيه:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«فَتُخْرَجُ لَهُ بِطَاقَةٌ فِيهَا:أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ،وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،قَالَ:فَيَقُولُ:يَا رَبِّ مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ،مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ؟ فَيَقُولُ:إِنَّكَ لَا تُظْلَمُ،فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كِفَّةٍ،وَالْبِطَاقَةُ فِي كِفَّةٍ،فَطَاشَتِ السِّجِلَّاتُ،وَثَقُلَتِ الْبِطَاقَةُ» رواه ابن ماجه (4300).

5. أن الميزان ميزان عدلٍ فليس فيه نقص ولا ظلم.

6. الحث على مراقبة الله فأعمال العباد توزن ،وهي محصاة مكتوبة كما قال تعالى:﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12)﴾[يس:12].

فعلى العبد أن يحتفظ في أقواله وأفعاله وحركاته؛ لأنها محسوبة وتوزَن يوم القيامة ويجازى عليها.والله المستعان.