جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 18 أكتوبر 2018

(17)أَوصَافُ طالبِ العلمِ الشرعِي


               
              الإصغاء للمعلِّم حتى يفرُغَ من كلامه



قال تعالى:{لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ(18)}[القيامة].



قال ابن القيم رحمه الله في التبيان في أقسام القرآن(160)عن هذه الآيات:تضمنت التأني والتثبت في تلقي العلم،وأن لا يحمل السامع شدة محبته وحرصه وطلبه على مبادرة المعلم بالأخذ قبل فراغه من كلامه.

بل من آداب الرب التي أدب بها نبيه أمْرُه بترك الاستعجال على تلقي الوحي،بل يصبر إلى أن يفرغ جبريل من قراءته ثم يقرأه بعد فراغه عليه.

فهكذا ينبغي لطالب العلم ولسامعه أن يصبر على معلمه حتى يقضي كلامه ثم يعيده عليه،أو يسأل عما أشكل عليه منه ولا يبادره قبل فراغه .اهـ

وهذا مِنْ آداب التلقِّي،ومن آداب الطالبِ مع معلِّمِه.

قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ:وَمَتَى أَشْكَلَ شَيْءٌ مِنْ الْحَدِيثِ عَلَى الطَّالِبِ صَبَرَ حَتَّى يَنْتَهِي الْحَدِيثُ،ثُمَّ يَسْتَفْهِمُ الشَّيْخَ بِأَدَبٍ وَلُطْفٍ وَلَا يَقْطَعْ عَلَيْهِ فِي وَسَطِ الْحَدِيثِ.كذا في الآداب الشرعية(2/170)لابن مفلح رحمه الله.



وهكذا لا ينبغي المشاركة في الكلام لِمَن كان يعرفه مِنْ غير حاجة،وقد قيل:

وَلَا تُشَارِكْ فِي الْحَدِيثِ أَهْلَهُ .. وَإِنْ عَرَفْت فَرْعَهُ وَأَصْلَهُ

إلا إذا علِمَ من معلِّمه الرغبة في الكلام.

كما روى البخاري(314)،ومسلم(332) عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ غُسْلِهَا مِنَ المَحِيضِ، فَأَمَرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ، قَالَ: «خُذِي فِرْصَةً مِنْ مَسْكٍ، فَتَطَهَّرِي بِهَا» قَالَتْ: كَيْفَ أَتَطَهَّرُ؟ قَالَ: «تَطَهَّرِي بِهَا»، قَالَتْ: كَيْفَ؟، قَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ، تَطَهَّرِي» فَاجْتَبَذْتُهَا إِلَيَّ، فَقُلْتُ: تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ.

وفي روايةِ مسلم:قَالَ:«تَطَهَّرِي بِهَا سُبْحَانَ اللهِ» وَاسْتَتَرَ.

قال الحافظ في فتح الباري(تحت رقم 314):فيه تفسير كلام العالم بحضرته لِمَن خفي عليه إذا عُرِف أَنَّ ذلك يعجبُه.



استفدنا مما تقدَّم  أنَّ من الأخطاء:


مقاطعة الكلام قبل الفراغ منه،وأنه مِنَ العجلة المذمومة.

المشاركة في الكلام سواء بإضافة زيادة،أوطيشٍ مِن بعضهم يحمله على السُّرعة والعجلة،مع أنه لوبقي صامتًا لسمعه فيما بعد.


وهذا يقع فيه بعض المبتدئين من أهل الطيش والخِفَّة والحماس.
وقد يكون حُبًّا للظهور والشهرة،وقد قيل:حُبُّ الظُّهور يقصم الظُّهور.والله أعلم.



واستفدنا:

أنه لا بأس بمشاركة الطالبِ الحاذقِ المُعَلِّمَ في الكلام لمصلحة الحاضرين إذا عَرف من شيخه أنه يعجبه التعاون معه.