جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 19 ديسمبر 2017

(87) سِلْسِلَةُ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ



الإيمان بأن الله قِبَلَ وجهِ المُصَلِّي


عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى بُصَاقًا فِي جِدَارِ القِبْلَةِ، فَحَكَّهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي، فَلاَ يَبْصُقُ قِبَلَ وَجْهِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى» رواه البخاري(406)،ومسلم(547).



عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما ،قال:أَتَانَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِنَا هَذَا، وَفِي يَدِهِ عُرْجُونُ ابْنِ طَابٍ، فَرَأَى فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ نُخَامَةً فَحَكَّهَا بِالْعُرْجُونِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللهُ عَنْهُ؟» قَالَ فَخَشَعْنَا، ثُمَّ قَالَ: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللهُ عَنْهُ؟» قَالَ: فَخَشَعْنَا، ثُمَّ قَالَ: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللهُ عَنْهُ؟» قُلْنَا: لَا أَيُّنَا، يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي، فَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قِبَلَ وَجْهِهِ، فَلَا يَبْصُقَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، تَحْتَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى، فَإِنْ عَجِلَتْ بِهِ بَادِرَةٌ  فَلْيَقُلْ بِثَوْبِهِ هَكَذَا» ثُمَّ طَوَى ثَوْبَهُ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ: «أَرُونِي عَبِيرًا» فَقَامَ فَتًى مِنَ الْحَيِّ يَشْتَدُّ إِلَى أَهْلِهِ، فَجَاءَ بِخَلُوقٍ فِي رَاحَتِهِ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَهُ عَلَى رَأْسِ الْعُرْجُونِ، ثُمَّ لَطَخَ بِهِ عَلَى أَثَرِ النُّخَامَةِ، فَقَالَ جَابِرٌ: فَمِنْ هُنَاكَ جَعَلْتُمُ الْخَلُوقَ فِي مَسَاجِدِكُمْ.رواه مسلم(3008).


عن الحَارِثِ الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا وَيَأْمُرَ بني إسرائيل أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا، وَإِنَّهُ كَادَ أَنْ يُبْطِئَ بِهَا، فَقَالَ عِيسَى: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ لِتَعْمَلَ بِهَا وَتَأْمُرَ بني إسرائيل أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا، فَإِمَّا أَنْ تَأْمُرَهُمْ، وَإِمَّا أَنَا آمُرُهُمْ، فَقَالَ يَحْيَى: أَخْشَى إِنْ سَبَقْتَنِي بِهَا أَنْ يُخْسَفَ بِي أَوْ أُعَذَّبَ، فَجَمَعَ النَّاسَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَامْتَلأَ الْمَسْجِدُ وَقَعَدُوا عَلَى الشُّرَفِ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ، وَآمُرَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ: أَوَّلُهُنَّ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَإِنَّ مَثَلَ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ، فَقَالَ: هَذِهِ دَارِي وَهَذَا عَمَلِي فَاعْمَلْ وَأَدِّ إِلَيَّ، فَكَانَ يَعْمَلُ وَيُؤَدِّي إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ، فَأَيُّكُمْ يَرْضَى أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ؟

 وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلاَةِ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلاَ تَلْتَفِتُوا فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلاَتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ...الحديث.رواه الترمذي(2863)وذكره والدي رحمه الله في الصحيح المسند .



في هذه الثلاثة الأحاديث:
فضلُ الصلاة.
أن الذي يصلي يكون الله سبحانه قِبَلَ وجهه .
ولا يتنافى مع أدلة علوِّ الله سبحانه على عرشه فالله في العلُوِّ وهو أمامَ وجه المصلِّي .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتوى الحموية (526):وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاة فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ فَلاَ يَبْصُقُ قِبَلَ وَجْهِهِ»الحديث حق على ظاهره، وهو سبحانه فوق العرش، وهو قِبَل وجه المصلي، بل هذا الوصف يثبت للمخلوقات، فإن الإنسان لو أنه يناجي السماء ويناجي الشمس والقمر لكانت السماء والشمس والقمر فوقه وكانت أيضًا قِبَل وجهه.اهـ


وفي حديث الحارث الأشعري :أن الله ينصرف عن عبده إذا التفت في صلاته.

قال ابن القيم رحمه الله في الوابل الصيب(20): الالتفات المنهي عنه في الصلاة قسمان.

أحدهما: التفات القلب عن الله عز وجل إلى غير الله تعالى.

الثاني: التفات البصر وكلاهما منهي عنه.

ولا يزال الله مقبلًا على عبده ما دام العبد مقبلًا على صلاته، فإذا التفت بقلبه أو بصره أعرض الله تعالى عنه.

وقد سئل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن التفات الرجل في صلاته فقال:«اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد».
ومثل من يلتفت في صلاته ببصره أو بقلبه كمثل رجل قد استدعاه السلطان فأوقفه بين يديه وأقبل يناديه ويخاطبه، وهو في خلال ذلك يلتفت عن السلطان يمينًا وشمالًا وقد انصرف قلبه عن السلطان فلا يفهم ما يخاطبه به، لأن قلبه ليس حاضرًا معه، فما ظنُّ هذا الرجل أن يفعل به السلطان؟

 أفليس أقل المراتب في حقه أن ينصرف من بين يديه ممقوتًا مبعدًا قد سقط من عينيه؟

فهذا المصلي لا يستوي والحاضر القلب المقبل على الله تعالى في صلاته الذي قد أشعر قلبه عظمة من هو واقف بين يديه فامتلأ قلبه من هيبته، وذلت عنقه له، واستحيا من ربه تعالى أن يقبل على غيره أو يلتفت عنه.اهـ المراد