القُصَّاص
روى الإمام مسلم في مقدمة«صحيحه»(1/20)من طريق عَاصِمٍ، قَالَ: كُنَّا
نَأْتِي أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيَّ وَنَحْنُ غِلْمَةٌ أَيْفَاعٌ ، فَكَانَ يَقُولُ لَنَا: «لَا تُجَالِسُوا
الْقُصَّاصَ غَيْرَ أَبِي الْأَحْوَصِ، وَإِيَّاكُمْ وَشَقِيقًا».
قَالَ: «وَكَانَ شَقِيقٌ هَذَا
يَرَى رَأْيَ الْخَوَارِجِ، وَلَيْسَ بِأَبِي وَائِلٍ».
(أَيْفَاعٌ):أيفع الغلام فهو يافع إذا شارف الاحتلام، ولمَّا يحتلم، وهو
من نوادر الأبنية، وغلام يافع ويَفَعَة فمن قال: يافعُ ثنَّى، وجمع، ومن قال:
يَفَعَة، لم يُثَنِّ ولم يجمع. اهـ من«النهاية»(5/299).وأبوعبدالرحمن هو عبدالله
بن حبيب السلمي.
وروى أبونعيم رحمه الله في «حلية الأولياء» (3/11) ترجمة أيوب
السختياني:عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ:«مَا أَفْسَدَ عَلَى النَّاسِ حَدِيثَهُمْ إِلَّا
الْقُصَّاصُ»،والأثر صحيح.
وقال
مروان بن محمد الطاطري:« ثلاثة لا يؤتَمنون الصوفي، والقَصَّاص، والمبتدع يرد على
المبتدع» .
والأثر ذكره القاضي عياض في «ترتيب المدارك»(3/226).
وذمُّ السلف للقصَّاصين ليس على الإطلاق ،ولكنهم يعنون نوعًا خاصَّا ،وهو
القصص بما لا يثبت ،والاسترسال فيه ،والانشغال به ونحو ذلك.
قال ابن الجوزي رحمه الله في «تلبيس إبليس»(110): والقصاص لا يُذمُّون من حيث هَذَا الاسم ،لأن اللَّه عز وجل قَالَ:
{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} ،وقال:
{فَاقْصُصِ الْقَصَصَ}، وإنما ذُمَّ القٌصاص لأن الغالبَ منهم الاتساع بذكر القَصص
دون ذكر العلم المفيد ،ثم غالبُهم يخلط فيما يورِدُه ،وربَّما اعتمدَ عَلَى مَا
أكثره مُحال.
فأمَّا إذا كان القَصص صدقًا ،ويوجب
وعظًا فهو ممدوح، وَقَدْ كان أحمد بْن حنبل يَقُول:مَا أحوج الناسَ إِلَى قاصٍّ
صدوق.اهـ
فاحذر
القَصَّاصين الذين يشغلون الناس بالقصص
-لا ستمالة قلوب العوام ومن لا يفقهون -عن العقيدة والأحكام والفقه
الإسلامي .{ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ }
[الجاثية:6].