عن فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه ، يَقُولُ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْمُجَاهِدُ
مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ».هذا حديث صحيح . «الصحيح المسند مما ليس في
الصحيحين»(2/ص125).
------------
في هذا الحديث :فضل مجاهدة النفس .
وقد استدل ابن القيم رحمه الله في «زاد المعاد» (3/5)
بهذا الحديث على أن جهاد النفس مقدَّم على جهاد العدوِّ وقال: «وَلَمَّا كَانَ
جِهَادُ أَعْدَاءِ اللَّهِ فِي الْخَارِجِ فَرْعًا عَلَى جِهَادِ الْعَبْدِ
نَفْسَهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ،كَانَ جِهَادُ النَّفْسِ مُقَدَّمًا عَلَى جِهَادِ
الْعَدُوِّ فِي الْخَارِجِ، وَأَصْلًا لَهُ، فَإِنَّهُ مَا لَمْ يُجَاهِدْ
نَفْسَهُ أَوَّلًا لِتَفْعَلَ مَا أُمِرَتْ بِهِ وَتَتْرُكَ مَا نُهِيَتْ عَنْهُ
وَيُحَارِبُهَا فِي اللَّهِ لَمْ يُمْكِنْهُ جِهَادُ عَدُوِّهِ فِي الْخَارِجِ، فَكَيْفَ
يُمْكِنُهُ جِهَادُ عَدُوِّهِ وَالِانْتِصَافُ مِنْهُ وَعَدُوُّهُ الَّذِي بَيْنَ
جَنْبَيْهِ قَاهِرٌ لَهُ مُتَسَلِّطٌ عَلَيْهِ لَمْ يُجَاهِدْهُ وَلَمْ
يُحَارِبْهُ فِي اللَّهِ، بَلْ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ إِلَى عَدُوِّهِ حَتّى
يُجَاهِدَ نَفْسَهُ عَلَى الْخُرُوجِ».
وقال والدي رحمه الله : الناسُ الآن يحتاجون إلى أن يُفَقَّهوا ويُعَلَّمُوا أمورَ دينهم .
وقال والدي رحمه الله : الناسُ الآن يحتاجون إلى أن يُفَقَّهوا ويُعَلَّمُوا أمورَ دينهم .
قلتُ:فأين غاب هذا الدليل وما أشبهه عن الذين يريدون الجهاد ويحمِّسون
الناس على الجهاد ،وهم منغمسون في الجهل والمعاصي والشهوات .
وأقصدُ من هذا دعاة السوء الذين يدعون إلى فتح جهادٍ
بدون ضوابط شرعية ،ولا رجوع إلى أهل العلم .
ثم ذكر ابنُ
القيم رحمه الله مراتب الجهاد وقال:«الْجِهَادُ أَرْبَعُ مَرَاتِبَ:
جِهَادُ النَّفْسِ، وَجِهَادُ الشَّيْطَانِ، وَجِهَادُ الْكُفَّارِ، وَجِهَادُ
الْمُنَافِقِينَ».
وجهاد
النفس والشيطان فرضٌ عيني . قال ابن القيم رحمه الله في نفس المرجع السابق (3/11):«وَفَرَضَ عَلَيْهِ جِهَادَ نَفْسِهِ فِي ذَاتِ
اللَّهِ، وَجِهَادَ شَيْطَانِهِ، فَهَذَا كُلُّهُ فَرْضُ عَيْنٍ لَا يَنُوبُ فِيهِ
أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ.
وَأَمَّا
جِهَادُ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ فَقَدْ يُكْتَفَى فِيهِ بِبَعْضِ
الْأُمَّةِ إِذَا حَصَلَ مِنْهُمْ مَقْصُودُ الْجِهَادِ».
والمجاهدة
من أسباب تيسير الطريق الموصلة إلى الله،
قال تعالى:﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ
سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾[العنكبوت:69].
قال
السعدي رحمه الله في «تفسير هذه الآية»(635):«دل هذا، على أن أحرى الناس بموافقة
الصواب أهل الجهاد، وعلى أن من أحسن فيما أمر به أعانه الله ويسر له أسباب
الهداية، وعلى أن من جدَّ واجتهد في طلب العلم الشرعي، فإنه يحصل له من الهداية
والمعونة على تحصيل مطلوبه أمور إلهية، خارجة عن مَدرَك اجتهاده، وتيسَّر له أمر
العلم، فإن طلب العلم الشرعي من الجهاد في سبيل الله، بل هو أحد نَوْعَي الجهاد،
الذي لا يقوم به إلا خواص الخلق، وهو الجهاد بالقول واللسان، للكفار والمنافقين،
والجهاد على تعليم أمور الدين، وعلى ردِّ نزاع المخالفين للحق، ولو كانوا من
المسلمين».