جديد الرسائل

الجمعة، 18 نوفمبر 2016

(56) سِلْسِلَةُ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ


                         
                               علم الكلام


سألت والدي رحمه الله ما هو علم الكلام؟



فأجاب: علم الكلام عبارةٌ عن قوانينَ يزعمون أنهم يتوصلون بها إلى معرفة العقيدة.



ثم أفاد رحمه الله أن علم الكلام مذمومٌ ،وقال:



قال الشافعي :«رَأْيِي وَمَذْهَبِي فِي أَصْحَابِ الْكَلَامِ أَنْ يُضْرَبُوا بِالْجَرِيدِ، وَيُجْلَسُوا عَلَى الْجِمَالِ، وَيطَافُ بِهِمْ فِي الْعَشَائِرِ وَالْقَبَائِلِ، وَيُنَادَى عَلَيْهِمْ: هَذَا جَزَاءُ مَنْ تَرَكَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، وَأَخَذَ فِي الْكَلَامِ ».



(أخرجه أبونعيم أحمد بن عبدالله في «حلية الأولياء» (9/104).


وقد اعترف كبار أهل الكلام أن علم الكلام يورثُ الحيرة، ويؤدِّي إلى الشكوك  .

قال محمد بن عمر الرازي:



نِهَـــــــايَةُ إقْــــــدَامِ الْعُقُولِ عِقَالُ  ***  وَأَكْثَرُ سَعْيِ الْعَـــالَمِينَ ضَلَالُ

وَأَرْوَاحُنَا فِي وَحْشَةٍ مَنْ جُسُومِنَا  ***  وَحَــــــاصِلُ دُنْيَانَا أَذًى وَوَبَالُ

وَلَمْ نَسْتَفِدْ مَنْ بَحْثَنَا طُولَ عُمْرِنَا  ***  سِوَى أَنْ جَمَعْنَا فِيهِ قِيلَ وَقَالُوا


ثم قال: لَقَدْ تَأَمَّلْت الطُّرُقَ الْكَلَامِيَّةَ وَالْمَنَاهِجَ الْفَلْسَفِيَّةَ؛ فَمَا رَأَيْتهَا تَشْفِي عَلِيلًا وَلَا تَرْوِي غَلِيلًا .



وقد قيل: إن أبا حامدٍ الغزالي قد تاب هو ومحمد بن عمر الرازي، ولو كان كذلك بقيت كتبهم المسمومة.



وقال الشهرستاني:


لَعَمْرِي لَقَدْ طُفْت الْمَعَاهِدَ كُلَّهَا *** وَسَيَّرْت طَرْفِي بَيْنَ تِلْكَ الْمَعَالِمِ

فَلَمْ أَرَ إلَّا وَاضِعًــــا كَفَّ حَائِرٍ*** عَلَى ذَقَنٍ أَوْ قَارِعًـــــا سِنَّ نَادِمٍ



فردَّ عليه الإمام الصنعاني وقال:



لَعَلَّكَ أَهْمَـلْتَ الطَّوَافَ بِمَعْهَــــدِ ** الرَّسُولِ وَمَنْ لَاقَــاهُ مِنْ كُلِّ عَالِمِ

فَمَا حَارَ مَنْ يُهْدَى بِهَدْيِ مُحَمَّدٍ ** وَلَسْتَ تَـــــرَاهُ قَارِعًــــا سَنَّ نَادِمِ


اهـ كلام والدي رحمه الله .

-------

قلت: وقد أجمع العلماء على ذم أهل الكلام . قال ابن عبد البر رَحِمَهُ اللَّهُ في «جامع بيان العلم وفضله» (2/942): «أَجْمَعَ أَهْلُ الْفِقْهِ وَالْآثَارِ مِنْ جَمِيعِ الْأَمْصَارِ أَنَّ أَهْلَ الْكَلَامِ أَهْلُ بِدَعٍ وَزَيْغٍ وَلَا يُعَدُّونَ عِنْدَ الْجَمِيعِ فِي طَبَقَاتِ الْفُقَهَاءِ، وَإِنَّمَا الْعُلَمَاءُ أَهْلُ الْأَثَرِ وَالتَّفَقُّهِ فِيهِ ،وَيَتَفَاضَلُونَ فِيهِ بِالْإِتْقَانِ وَالْمَيْزِ وَالْفَهْمِ». اهـ.