حكم أخذ الأجرة على تعليم القرآن
يقول رحمه الله له أنه يأخذ لكن لا
يشترط .يقول الله سبحانه: ﴿مَنْ
كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ
ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا﴾ [الإسراء:18].
وفي «سنن أبي داود» (830) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ،
قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَنَحْنُ نَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَفِينَا الْأَعْرَابِيُّ وَالْأَعْجَمِيُّ،
فَقَالَ: «اقْرَءُوا فَكُلٌّ حَسَنٌ وَسَيَجِيءُ أَقْوَامٌ يُقِيمُونَهُ كَمَا
يُقَامُ الْقِدْحُ يَتَعَجَّلُونَهُ وَلَا يَتَأَجَّلُونَهُ». وهو في «الصحيح
المسند »(236) لوالدي.
فإذا جاءه شيء من غير اشتراط فلا بأس
لما في «صحيح البخاري» (1473،7163،7164) و«صحيح مسلم» (1045) عن عُمَرَ بْنِ
الخَطَّابِ يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِينِي
العَطَاءَ، فَأَقُولُ أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي، حَتَّى أَعْطَانِي
مَرَّةً مَالًا، فَقُلْتُ: أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي، فَقَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُذْهُ، فَتَمَوَّلْهُ، وَتَصَدَّقْ
بِهِ، فَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا المَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلاَ سَائِلٍ
فَخُذْهُ، وَمَالاَ فَلاَ تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ».
أما ما في «صحيح البخاري» (5737) عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مَرُّوا بِمَاءٍ، فِيهِمْ لَدِيغٌ أَوْ سَلِيمٌ، فَعَرَضَ لَهُمْ رَجُلٌ
مِنْ أَهْلِ المَاءِ، فَقَالَ: هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ، إِنَّ فِي المَاءِ
رَجُلًا لَدِيغًا أَوْ سَلِيمًا، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَقَرَأَ
بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ عَلَى شَاءٍ، فَبَرَأَ، فَجَاءَ بِالشَّاءِ إِلَى أَصْحَابِهِ،
فَكَرِهُوا ذَلِكَ وَقَالُوا: أَخَذْتَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا، حَتَّى
قَدِمُوا المَدِينَةَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخَذَ عَلَى كِتَابِ
اللَّهِ أَجْرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ».فهذا في الرقية.
-------------
قلت:أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (4/340)حَدَّثَنَا
مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ،
قَالَ: «لَا يَشْتَرِطُ الْمُعَلِّمُ، وَإِنْ أُعْطِيَ شَيْئًا فَلْيَقْبَلْهُ».وعلقه
البخاري في صحيحه في تبويب حديث رقم (2276).
وهذا أثرٌ صحيح .عثمان بن الحارث أبو
الرواع بفتح المهملة وتشديد الواو وآخره مهملة ثقة .
أما حديث ابن عباس السابق فهو في سياق الرقية، فيجوز للراقي أن يأخذ شيئًا مقابل تفرُّغه
ولكن لا يجحف بالمرضى والضعفاء.
وجمهور العلماء على جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن.
ولنعلم أن لقبول العبادة شرطين
الإخلاص والمتابعة ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا
صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف:110] .