جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 11 أبريل 2016

(69)سِلْسِلَةُ الفَوَائِدِالعِلْمِيَّةِ والمَسَائِلِ الفِقْهِيَّةِ

                          
                               من مفاتيح الرزق

1‑ التوكل على الله. أخرج الترمذي (2344) عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: <لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله لرُزقتم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا>.
قال ابن رجب في «جامع العلوم والحكم»: هذا الحديث أصل في التوكل, وأنه من أعظم الأسباب التي يستجلب بها الرزق, قال الله عز وجل: { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا  وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ }[الطلاق:2-3]. اهـ.
2- أخرج ابن ماجة (4105)عن زيد بن ثابت  سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ، فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ، وَمَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ نِيَّتَهُ، جَمَعَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ».
    هذا الحديث دليل أن طلب الآخرة سبب لتيسير الله الأمور, وأن من مفاتيح الرزق الإقبال على الآخرة .
3‑ إقامة الصلاة. قال الله تعالى: { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى }[طه:132]. قال الحافظ ابن كثير:  يعني: إذا أقمت الصلاة أتاك الرزق من حيث لا تحتسب، كما قال تعالى: { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا  وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ }[الطلاق:2-3], وقال: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ  مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ  إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ }[الذاريات:56-58]؛ ولهذا قال: { لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ }[طه:132]. اهـ.
4‑ العلم النافع. يشمله عموم الآية السابقة{ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا  وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ }. وأخرج ابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله» رقم (221) عن مصعب بن عبد الله، قال: قال لنا أبي: اطلبوا العلم؛ فإن يكن لك مال أجداك جمالًا، وإن لم يكن لك مال أكسبك مالًا. وسنده صحيح.
5‑ الإنفاق على طالب العلم. أخرج الترمذي في «سننه» (2345) عن أنس بن مالك قال: كان أخوان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فكان أحدهما يأتي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والآخر يحترف, فشكى المحترف أخاه إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: <لعلك ترزق به>. والحديث صحيح في «الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين» (1692) لوالدي رحمه الله .
4‑ صلة الرحم. أخرج البخاري (5986) ومسلم (2557) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: <مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لهِ رِزْقُهُ وْ يُنْسَأَ له فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ>.
وكثير من الناس أَتوا أبواب الرزق من غير أبوابها ،وأفنوا أعمارهم في طلبها, ومنهم من تغرَّب في بلاد الكفر والإلحاد لطلب الرزق, وضحَّى بدينه, وآثر الفاني على الباقي, والعاجل على الآجل, { بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيا والآخرة خير وأبقى}[الأعلى:17-18].
وللفقر أسباب منها :
 ما تقدم في الحديث<مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ، فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ > وهذا يدل على أن الابتلاء بالفقر له سبب؛ فمن كان همه الدنيا تفكيره تفكير دنيوي ،وحديثه حديث دنيوي ،ومجلسه مجلس دنيوي ،فهذا قد يصاب بالفقر.

ومن الأسباب: الذنوب, كما يدل له مفهوم قوله تعالى{ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا  وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}[الطلاق:2-3]. قال ابن القيم رحمه الله في «الجواب الكافي»(ص:52):  وَكَمَا أَنَّ تَقْوَى اللَّهِ مَجْلَبَةٌ لِلرِّزْقِ فَتَرْكُ التَّقْوَى مَجْلَبَةٌ لِلْفَقْرِ، فَمَا اسْتُجْلِبَ رِزْقُ اللَّهِ بِمِثْلِ تَرْكِ الْمَعَاصِي.