جديد الرسائل

السبت، 23 أبريل 2016

(40)سِلْسِلَةُ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ

                     من صفات الله عزوجل
أخرج البخاري (7405)ومسلم (2675)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً» .
   في هذا الحديث من الفوائد
إثبات صفة المعية لله عز وجل .
ومعية الله نوعان:
معية عامة: لجميع الخلق أي أن الله معنا بسمعه وبصره وقدرته وعلمه كما قال تعالى: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾[الحديد:4]. وكما قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [المجادلة:7].
ومعية خاصة: وهي تقتضي الحفظ والعناية والنصرة .وهذه خاصة بأولياء الله عز وجل: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا
وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾[النحل:128]. وفي الحديث هنا (وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي) معية خاصة.
وأدلة المعية فيها شبهة للجهمية الذين يقولون: إن الله في كل مكان، فأخذوا بها وتركوا أدلة العلو لله عز وجل، وأهل السنة يقولون: الله سبحانه في العلو مستوٍ على عرشه، وهو معنا بسمعه وبصره وقدرته وعلمه فجمعوا بين الأدلة.
وذكر ابن عثيمين رحمه الله في شرح العقيدة الواسطية (ص71):أن  معية الله عز وجل لخلقة تليق بجلاله سبحانه وتعالى، كسائر صفاته، فهي معية تامة حقيقية، لكن هو في السماء.اهـ.وهذه فائدة، نثبت لله المعية حقيقية
لا مجازًا.
ولا يلزم من إثبات المعية لله أن يكون مختلطًا بين الناس فإنه يقول القائل: لا نزال نسير والقمر معنا. والقمر في السماء.
- وفيه صفة القرب لله عز وجل وقد قال تعالى: ﴿إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ﴾ [سبأ:50] وقال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186]. و في الصحيحين البخاري (6384)مسلم (2704) من حديث أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا، وَلَكِنْ تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا».
فالله عز وجل يقرب إلى  عابديه وهو في علُوِّهِ، وهذه خاصة بأولياء الله سبحانه.
 وفي صحيح مسلم (1348) عن عَائِشَةَ رضي الله عنها: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟» وَإِنَّهُ لَيَدْنُو: أي يقرب سبحانه وتعالى.
قال ابنُ القيم رحمه الله في طريق الهجرتين 22:  وأما القرب المذكور فى القرآن والسُّنَّة فقرب خاص من عابديه وسائليه وداعيه، وهو من ثمرة التعبد باسمه الباطن ، فهذا قربه من داعيه، وقال تعالى: {إِنّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مّنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56] .وفى الصحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ"فهذا قرب خاص غير قرب الإِحاطة وقرب البُطون.اهـ المراد.
أما قربُ الإحاطة فهذه عامة. ومن أسماء الله الظاهر والباطن .
- وفيه صفة الإتيان لله عز وجل، فالله عز وجل يأتي قال سبحانه: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾ [البقرة:210].
وفيه إثبات صفة الهرولة لله عز وجل، نؤمن بذلك.
والهرولة: المشي السريع . الشبر:قال في القاموس : الشِّبْرُ، بالكسر: ما بين أعْلَى الإِبْهامِ وأعْلَى الخِنْصَرِ، مُذَكَّرٌ
والجمع: أشْبارٌ. اهـ.
الذراع : قال الخليل بن أحمد في كتاب العين : الذِّراعُ من طَرَف المِرْفَق إلى طرف الإِصْبَع الوُسْطَى.اهـ.
والباع ما بين يديك إذا مددتهما، ويذكرون أن الباع بمقدار قامَة صاحبه .
وما من صفة من صفات الله إلا وأهل التحريف يؤولونها ويصرفونها من معناها إلى معنى آخر .

فيجب على صاحب العقيدة الصحيحة أن يحمدَ الله ويفرح بالعقيدة الطيبة؛ لأن الله عز وجل يقول: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [يونس:58]. الفرح بالعلم والعقيدة الصحيحة والمسابقة إلى طاعة الله وإلى الدار الآخرة ﴿هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾.