جديد المدونة

جديد الرسائل

الأربعاء، 2 مارس 2016

(53)سِلْسِلَةُ الفَوَائِدِالعِلْمِيَّةِ والمَسَائِلِ الفِقْهِيَّةِ

الحرص على صلاحِ الولد وسلامتِه  قبلَ وجوده

1-الدُّعاء قال تعالى :{ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}.
ومن دعاء عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}.
وقال سبحانه في وصفه للبارِّ بوالديه :{ حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.
قال الحافظ ابنُ كثير :{ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي } أَيْ نَسْلِي وَعَقِبِي .
وقال الشوكاني رحمه الله في فتح  القدير : أَيِ: اجْعَلْ ذَرِّيَّتِي صَالِحِينَ رَاسِخِينَ فِي الصَّلَاحِ مُتَمَكِّنِينَ مِنْهُ.
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ :دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ بَلَغَ عُمْرُهُ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَنْ يَسْتَكْثِرَ مِنْ هَذِهِ الدَّعَوَاتِ .اهـ.
وهذه الأدلة عامة في الدعاء للأولاد قبل وجودهم وبعده ،الدعاء بصلاح الذرية حسًّا ومعنى ،وأن الله يجعلهم قُرَّة عين ،تقرُّ به عين أُمه وتقرُّ به عين أبيه وأقربائه وسائر المسلمين .
دعاءٌ من قلبٍ حاضر بصلاح الذُّرية ،ودعوة الوالد لا تردُّ .
وصلاح الولد كنزٌ عظيم . لهذا في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ " .
وفي مسند أحمد(16/ 356) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَرْفَعُ الدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، أَنَّى لِي هَذِهِ؟ فَيَقُولُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ " والحديث حسن .
فهذا من محاسن الولد الصالح أنه بركةٌ على أبويه في حياتهما وبعد مماتهما .

2-أخرج البخاري ومسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، يَبْلُغُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فَقُضِيَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يَضُرُّهُ».
 فيه مشروعية هذا الدعاء عند إرادة الوقاع وأنه من أسباب سلامة الولد وحفظه من شر الشيطان .
وهذا الدعاء عام حتى وإن كان لا يولد لهما.
وفيه أن الولد رزق من أرزاق الله عز وجل.
وفيه ملازمة الشيطان للإنسان في كل أحواله، وقد ثبت في صحيح مسلم (2033) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ أَحَدَكُمْ عِنْدَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ شَأْنِهِ، حَتَّى يَحْضُرَهُ عِنْدَ طَعَامِهِ، فَإِذَا سَقَطَتْ مِنْ أَحَدِكُمُ اللُّقْمَةُ، فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى، ثُمَّ لِيَأْكُلْهَا، وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ، فَإِذَا فَرَغَ فَلْيَلْعَقْ أَصَابِعَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي فِي أَيِّ طَعَامِهِ تَكُونُ الْبَرَكَةُ».
وهذا مما يجعل العبد حذرا ومتحفظًا ومتنبهًا من عدوه الذي لا يراه ،من وساوسه وأفكاره ونزغاته وعداوته .
وقوله: (لَمْ يَضُرُّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا) هذا ليس على عمومه، فلا بد من وساوسه ولا بد من المعاصي. وقد قال النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ، فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ» الحديث متفق عليه البخاري (6612) مسلم (2657) عن أبي هريرة.
فالمراد به بعض الأمور مثل الردة - والعياذ بالله - والكفر، وتسلط الشيطان عليه و ما أشبه ذلك. أيضًا لا يضره بإذن الله عز وجل في عقله ولا في بدنه، والله تعالى أعلم.

الشيطان: هو كل عاتٍ متمردٍ  .