جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 28 مارس 2016

(18)الاخْتِيَارَاتُ العِلْمِيَّةُ لوالدي الشيخ مقبل رحمه الله

                          
                            حال قصة الغرانيق

قصة الغرانيق  أن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ مدحَ آلهة المشركين
وأنه كان يقرأ فألقى الشيطان في تلاوته صلى الله عليه وسلم: (تلك الغرانيقُ العُلى منها الشفاعة تُرتجى)  ، فقرأها النبيّ وأنه نزل في ذلك قوله تعالى { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52)} [الحج:52] .

 لا تثبت .

ويدلُّ على بطلانها قول الله تعالى :{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)}.

وكان رحمه الله يحيل إلى رسالة الشيخ الألباني رحمه الله تعالى (نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق).

هذا ما استفدناه من دروس والدي رحمه الله .
----------------
قلت:  قال القاضي رحمه الله في إكمال المُعْلِم (2/ 293) :لا يصح هذا فى شىءٍ من طريق النقل ، ولا من طريق العقل ؛ لأنَّ مدح اَلهة غير الله كفر الخ ما قال .
ويدل على بطلانها الأدلة التي فيها عصمة الأنبياء في الأقوال البلاغية يقول الله تعالى :{ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)} .
وأخرج مسلم في صحيحه(2361)من طريق مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مَرَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْمٍ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ، فَقَالَ: «مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ؟» فَقَالُوا: يُلَقِّحُونَهُ، يَجْعَلُونَ الذَّكَرَ فِي الْأُنْثَى فَيَلْقَحُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَظُنُّ يُغْنِي ذَلِكَ شَيْئًا» قَالَ فَأُخْبِرُوا بِذَلِكَ فَتَرَكُوهُ، فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَقَالَ: «إِنْ كَانَ يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ فَلْيَصْنَعُوهُ، فَإِنِّي إِنَّمَا ظَنَنْتُ ظَنًّا، فَلَا تُؤَاخِذُونِي بِالظَّنِّ، وَلَكِنْ إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنِ اللهِ شَيْئًا، فَخُذُوا بِهِ، فَإِنِّي لَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ».
وأخرج أبوداود في سننه (3646) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيدُ حِفْظَهُ، فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ وَقَالُوا: أَتَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشَرٌ يَتَكَلَّمُ فِي الْغَضَبِ، وَالرِّضَا، فَأَمْسَكْتُ عَنِ الْكِتَابِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَوْمَأَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى فِيهِ، فَقَالَ: «اكْتُبْ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَّا حَقٌّ».والحديث صحيح .
قال النووي في شرح صحيح مسلم في تلخيصه لما ذكره القاضي عياض في كتابه الشفا شرح حديث الشفاعة :وكذلك اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ طَرِيقُهُ الْإِبْلَاغَ فِي الْقَوْلِ فَهُمْ مَعْصُومُونَ فِيهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ .
وقال شيخ الإسلام في منهاج السنة(1/470): فَإِنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مَعْصُومُونَ فِيمَا يُبَلِّغُونَهُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَهَذَا هُوَ مَقْصُودُ الرِّسَالَةِ، فَإِنَّ الرَّسُولَ هُوَ الَّذِي يُبَلِّغُ عَنِ اللَّهِ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ وَخَبَرَهُ  ، وَهُمْ مَعْصُومُونَ فِي تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ  بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَقِرَّ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مِنَ الْخَطَأِ. اهـ.
وقصة الغرانيق مشهورة ، لكنه قد تشتهر أحاديث وهي مكذوبة،  قد تشتهر أقوال وهي مكذوبة، والواجب التثبت.
أما ما جاءفي صحيح البخاري (1067) وصحيح مسلم (576)عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: " قَرَأَ النَّبِيُّ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّجْمَ بِمَكَّةَ فَسَجَدَ فِيهَا وَسَجَدَ مَنْ مَعَهُ غَيْرَ شَيْخٍ أَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصًى - أَوْ تُرَابٍ - فَرَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ، وَقَالَ: يَكْفِينِي هَذَا "، فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا .
قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم : هَذَا الشَّيْخُ هُوَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ وَقَدْ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ كَافِرًا وَلَمْ يَكُنْ أسْلَمَ قَطُّ .اهـ.
وسجود المشركين فيه احتمالات منها : أنهم تأثَّروا بالقرآن، فإن القرآن مؤثِّر فلهذا سجدوا .
و منها :أنه التبس عليهم أنه يمدح آلهتهم ، كما قيل: (حُبُّك الشيء يعمي ويُصِمُّ).

فلا يغترَّ أحدٌ بقصة الغرانيق فهي مكذوبة يردها القرآن والسنة ونقل الإجماع في عصمة الأنبياء في الأقوال البلاغية .