حكمُ اعتقادِالرَّجعة بعدالموت قبلَ البعْث
قال
سُبحانه ﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ
مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ [يس:31] .
في هذه الآيةِ من الفوائدِ
1-الأمر بالاتعاظ بالأمم المتقدمة التي
أهلكها الله عز وجل بسبب تكذيبِهم ومخالفاتهم .
2-أن من مات ليس له رجوعٌ إلى الدنيا
قبلَ البعثِ .
وهناكَ الدَّهرية الدَّورِيَّة المنكرونَ بالبعث
يعتقدُون أنهم يعودون إلى الدنيا بعد
الموت كما كانُوا
فيها من قبل .
قال الحافظ ابنُ كثيرٍ رحمه الله في
تفسير سورةِ الجاثية في سياق من يُنكِرُ البعث والمعاد .
قال : وتقوله الْفَلَاسِفَةُ
الدَّهْرِيَّةُ الدَّوْرِيَّةُ الْمُنْكِرُونَ لِلصَّانِعِ، الْمُعْتَقِدُونَ
أَنَّ فِي كُلِّ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ
أَلْفَ سَنَةٍ يَعُودُ كُلُّ شَيْءٍ
إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ –أي بعد الموت -، وَزَعَمُوا أَنَّ هَذَا قَدْ تَكَرَّرَ
مَرَّاتٍ لَا تَتَنَاهَى .
قال : فَكَابَرُوا الْمَعْقُولَ
وَكَذَّبُوا الْمَنْقُولَ وَلِهَذَا قَالُوا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَما لَهُمْ
بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا
يَظُنُّونَ أَيْ يَتَوَهَّمُونَ وَيَتَخَيَّلُونَ. اهـ
ومن الأدلة أن لا رجعةَ إلى الدنيا
قبل يوم القيامة : {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ
ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ
هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} .
يتمنَّى المُحْتَضَر الرجوع إلى الدنيا فأنكر اللهُ عليه وزجره
بقوله{ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ
إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } .
فليس هناك إلا رجعةٌ واحدة تكونُ يومَ
القيامةِ .
وأخرج الترمِذِي في سُننه (3010)
عن جابر بن عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِي: «يَا جَابِرُ مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا» ؟
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتُشْهِدَ أَبِي، وَتَرَكَ عِيَالًا وَدَيْنًا،
قَالَ: «أَفَلَا أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ» ؟ قَالَ: بَلَى
يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: " مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلَّا
مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَأَحْيَا أَبَاكَ فَكَلَّمَهُ كِفَاحًا. فَقَالَ: يَا
عَبْدِي تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ. قَالَ: يَا رَبِّ تُحْيِينِي فَأُقْتَلَ فِيكَ
ثَانِيَةً. قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّهُ قَدْ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ
إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ " قَالَ: وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَلَا
تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} [آل عمران: 169]
.
والحديث حسنٌ .
(كِفَاحًا) قال
المُبارَكْفُورِي رحمه الله في تحفةِ الأَحْوَذِي : أَيْ مُوَاجِهَةً لَيْسَ بَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَلَا رَسُولٌ .
وهذا الحديثُ صريحٌ أنه لا رُجوعَ إلى
الدنيا قبل يوم القيامة .
والله على كلِّ شيء قدير وقد
ذكر سبحانه بعضَ من أحياهم بعد مماتهم قبل يوم البعث والنُّشور في بعض المواضع من
كتابه
الكريم وهذا خارِجٌ عن الأصل و يُعدُّ آية من آيات الله ، ويُستفادُ منه الردُّ على منكري البعث .
الكريم وهذا خارِجٌ عن الأصل و يُعدُّ آية من آيات الله ، ويُستفادُ منه الردُّ على منكري البعث .
ولكن اعتقاد عقيدة الدَّهرية
هذا باطلٌ تردُّه الأدلة ، والأصل
عدمُ الرُّجوع إلى الدُّنيا للأدلة
المتقدمة
.
.
ولابن أبي الدنيا مؤلَّف (فيمن عاشَ بعدَ الموت ) وغالبُه لا يثبت .
قال الشيخ ابنُ عثيمين رحمه
الله في تفسيرسورة البقرة :
والله تعالى على كل شيء قدير،
ولا ينافي هذا ما ذكر الله في قوله تعالى: {ثم إنكم بعد ذلك لميتون * ثم إنكم يوم
القيامة تبعثون} [المؤمنون: 15، 16] .
لأن هذه القصص الخمس، وغيرها كإخراج عيسى الموتى
من قبورهم. تعتبر أمراً عارضاً يؤتى به لآية من آيات الله سبحانه وتعالى؛ أما
البعث العام فإنه لا يكون إلا يوم القيامة . اهـ