جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 9 يناير 2016

(8)سِلْسِلَةُ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ

حكمُ اعتقادِالرَّجعة بعدالموت قبلَ البعْث

قال سُبحانه ﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ [يس:31] .

في هذه الآيةِ من الفوائدِ
1-الأمر بالاتعاظ بالأمم المتقدمة التي أهلكها الله عز وجل بسبب تكذيبِهم ومخالفاتهم .
2-أن من مات ليس له رجوعٌ إلى الدنيا قبلَ البعثِ .
 وهناكَ الدَّهرية الدَّورِيَّة المنكرونَ بالبعث يعتقدُون  أنهم يعودون إلى الدنيا بعد الموت كما كانُوا
فيها من قبل .
قال الحافظ ابنُ كثيرٍ رحمه الله في تفسير سورةِ الجاثية في سياق من يُنكِرُ البعث والمعاد .

قال : وتقوله الْفَلَاسِفَةُ الدَّهْرِيَّةُ الدَّوْرِيَّةُ الْمُنْكِرُونَ لِلصَّانِعِ، الْمُعْتَقِدُونَ أَنَّ فِي كُلِّ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ
أَلْفَ سَنَةٍ يَعُودُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ –أي بعد الموت -، وَزَعَمُوا أَنَّ هَذَا قَدْ تَكَرَّرَ مَرَّاتٍ لَا تَتَنَاهَى .
قال : فَكَابَرُوا الْمَعْقُولَ وَكَذَّبُوا الْمَنْقُولَ وَلِهَذَا قَالُوا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَما لَهُمْ
بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ أَيْ يَتَوَهَّمُونَ وَيَتَخَيَّلُونَ. اهـ

ومن الأدلة أن لا رجعةَ إلى الدنيا قبل يوم القيامة : {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} .
يتمنَّى المُحْتَضَر  الرجوع إلى الدنيا فأنكر اللهُ عليه وزجره بقوله{ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } .

فليس هناك إلا رجعةٌ واحدة تكونُ يومَ القيامةِ .
وأخرج الترمِذِي في سُننه (3010) عن جابر بن عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِي: «يَا جَابِرُ مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا» ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتُشْهِدَ أَبِي، وَتَرَكَ عِيَالًا وَدَيْنًا، قَالَ: «أَفَلَا أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ» ؟ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: " مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَأَحْيَا أَبَاكَ فَكَلَّمَهُ كِفَاحًا. فَقَالَ: يَا عَبْدِي تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ. قَالَ: يَا رَبِّ تُحْيِينِي فَأُقْتَلَ فِيكَ ثَانِيَةً. قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّهُ قَدْ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ " قَالَ: وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} [آل عمران: 169] .
والحديث حسنٌ .
(كِفَاحًا) قال المُبارَكْفُورِي رحمه الله في تحفةِ الأَحْوَذِي : أَيْ مُوَاجِهَةً لَيْسَ بَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَلَا رَسُولٌ .

وهذا الحديثُ صريحٌ أنه لا رُجوعَ إلى الدنيا قبل يوم القيامة .



والله على كلِّ شيء قدير وقد ذكر سبحانه بعضَ من أحياهم بعد مماتهم قبل يوم البعث والنُّشور في بعض المواضع من كتابه 

الكريم  وهذا خارِجٌ عن الأصل  و يُعدُّ آية من آيات الله ،  ويُستفادُ منه الردُّ على منكري البعث .

ولكن اعتقاد عقيدة الدَّهرية هذا باطلٌ  تردُّه الأدلة ، والأصل عدمُ الرُّجوع  إلى الدُّنيا للأدلة المتقدمة
 .

ولابن أبي الدنيا مؤلَّف (فيمن عاشَ بعدَ الموت ) وغالبُه لا يثبت .



قال الشيخ ابنُ عثيمين رحمه الله في تفسيرسورة البقرة :
والله تعالى على كل شيء قدير، ولا ينافي هذا ما ذكر الله في قوله تعالى: {ثم إنكم بعد ذلك لميتون * ثم إنكم يوم القيامة تبعثون} [المؤمنون: 15، 16] .

 لأن هذه القصص الخمس، وغيرها كإخراج عيسى الموتى من قبورهم. تعتبر أمراً عارضاً يؤتى به لآية من آيات الله سبحانه وتعالى؛ أما البعث العام فإنه لا يكون إلا يوم القيامة . اهـ