جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 7 أبريل 2020

(42)سنينٌ من حياتي مع والديْ وشيخي مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله


·     حديثٌ في تَجَمُّلِ النبي صلى الله عليه وسلم


عن عَبْدِ اللَّهِ بن عمر، يَقُولُ:رَأَى عُمَرُ عَلَى رَجُلٍ حُلَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ، فَأَتَى بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اشْتَرِ هَذِهِ، فَالْبَسْهَا لِوَفْدِ النَّاسِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ. فَقَالَ: «إِنَّمَا يَلْبَسُ الحَرِيرَ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ» فَمَضَى مِنْ ذَلِكَ مَا مَضَى، ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إِلَيْهِ بِحُلَّةٍ، فَأَتَى بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: بَعَثْتَ إِلَيَّ بِهَذِهِ، وَقَدْ قُلْتَ فِي مِثْلِهَا مَا قُلْتَ؟ قَالَ: «إِنَّمَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ لِتُصِيبَ بِهَا مَالًا»أخرجه البخاري(6081ومسلم(2068).


استشكلتُ الاستدلال بهذا الحديث على تجمل النبي صلى الله عليه وسلم،لأنه ظاهر الحديث الإنكار«إِنَّمَا يَلْبَسُ الحَرِيرَ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ».

فأفادني والدي وقال:فيه الإقرار على التجمل،وإنما أنكر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على عمر لأنه أشار عليه بلبس الحرير،وهذا لا يجوز للرجال.



·     الاقتصار على ذكر الدليل أحيانًا

من طريقة والدي رحمه الله أنه في بعض الأحيان يقتصر على ذِكْر الدليل من غير زيادة عليه،فإذا سألناه عن شيءٍ أو رأى شيئًا يخالف الدليل يذكر الدليل،وكفى بالقرآن واعظًا ودليلًا وزاجرا وهاديا.

من أمثلة ذلك:

-شُكِي إلى والدي أن امرأة تكثِر من التحدث بنعمِ الله عليهم في أمور الدنيا،فلم ينكر ذلك والدي،بل قال:الله عزوجل يقول:﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)﴾[الضحى]،ولم يزد على ذلك.

-في باب التشبه قد ينكر مقتصرًا على الدليل،ويقول:الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول:من تشبه بقومٍ فهو منهم.

-في باب تصوير ذوات الأرواح يقول:النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ يَقُولُ:«إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ المُصَوِّرُونَ».رواه البخاري(5950)،ومسلم (2109)عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه.



قلت:ويدل لهذه الطريقة حديث جابر بن عبدالله  رضي الله عنه في سياق حديث حجة الوداع..الحديث،وفيه حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ، اسْتَلَمَ النبي صلى الله عليه وسلم الرُّكْنَ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا، ثُمَّ نَفَذَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام، فَقَرَأَ:﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ﴾[البقرة: 125] فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، إلى أن قال:ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ:﴿إِنَّ الصَّفَا والْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ ﴾[البقرة: 158] «أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ» فَبَدَأَ بِالصَّفَا، فَرَقِيَ عَلَيْهِ..الحديث بطوله رواه مسلم (1218).

الشاهد من الحديث  ذِكْرُ الآية فحسب، إشارة إلى أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذهب إلى المقام لركعتَي الطواف ،وأنه ذهب إلى الصفا والمروة امتثالًا لأمرِ الله.

ومن آثار السلف:

عن معرِّف بن واصل السعدي الكوفي قال:سألت إبراهيم النخعي عن المتعة بالعمرة إلى الحج فقال:﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾[البقرة197]،ثم أعدت عليه المسألة فقال:﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾. ولم يزدني على ذلك شيئًا.

وتكلَّم على المسألة ابن القيم (4/322)في «إعلام الموقعين»،وقال:كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم  إذا سئل أحدهم عن مسألة أفتى بالحجة نفسها، فيقول: قال الله كذا، وقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم  كذا، أو فعل كذا، فَيَشْفِي السَّائِلَ، وَيَبْلُغُ الْقَائِلُ. وهذا كثير جدًّا في فتاويهم لمن تأملها.

 ثم جاء التابعون والأئمة بعدهم فكان أحدهم يذكر الحكم ثم يستدل عليه، وعلمه يأبى أن يتكلم بلا حجة، والسائل يأبى قبول قوله بلا دليل.

 ثم طال الأمد وبعُد العهد بالعلم وتقاصرت الهِمَم إلى أن صار بعضهم يجيب بنعم أو لا، ولا يذكر للجواب دليلًا ولا مأخذًا، ويعترف بقصوره وفضل من يفتي بالدليل.

 ثم نزلنا درجة أخرى إلى أن وصلت الفتوى إلى عيب من يفتي بالدليل وذمه.

 ولعله أن يحدث للناس طبقة أخرى لا يُدرى ما حالهم في الفتاوى، والله المستعان.اهـ


·     استفدت من والدي رحمه الله :الأفضل ألَّا يُجعلَ خلاصة البحث في ظاهرعنوان الكتاب،حتى يطلع القارئُ بنفسِه على موضوع الكتاب ،فإن من قال في عنوان الكتاب مثلًا:تحريم كذا..أو إباحة كذا..هذا يذكر لهم خلاصة موضوع الكتاب،وقد يفتر عن قراءة الكتاب،والأحسن يطلِّع هو بنفسِه على موضوع الكتاب.هذا أو معناه.