جديد المدونة

جديد الرسائل

الجمعة، 17 يناير 2020

(41)سنينٌ من حياتي مع والديْ وشيخي مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله


حكم قول للذي ينشد ضالته في المسجد: لَا رَدَّهَا اللهُ عَلَيْكَ
عن  أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وسلم :<مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ، فَلْيَقُلْ: لَا رَدَّهَا اللهُ عَلَيْكَ، فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا>.رواه الإمام مسلم (1/397).

وبوب والدي رحمه الله  في «الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين»على حديث رقم(1616):الدعاء على من باع أو ابتاع في المسجد أو نشد ضالة.
وعلَّق رحمه الله في درسٍ لنا:أنه لا يُدعى على منشدِ الضالة بهذا الدعاء«لَا رَدَّهَا اللهُ عَلَيْكَ»إذا كان سيُحدِث فتنة.
ثم ذكر لنا -مبتسمًا-ما حصل له:أنه رأى مَن ينشد ضالة في المسجد.فقال له والدي:«لَا رَدَّهَا اللهُ عَلَيْكَ».
فقال له منشد الضالة:وأنتَ لا جزاكَ اللهُ خيرًا.

قول:للزَّرَّاع يا كافر

قال تعالى:﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ(20)﴾[الحديد].
ذكر لنا والدي أن رجلًا مرَّ بزرَّاعٍ في مزرعته.فقال له:السلام عليكَ يا كافر.
فردَّ عليه الزرَّاع بالخصام والشتام.
ثم نصح والدي رحمه الله بترك مثل هذه الألفاظ عند العوام فإنهم لا يفهمون،أو ذكر معنى هذا الكلام.

قلت:ومِنْ هنا نستفيد مسألةً في التفسير واللغة:أنه قد يُطلق على الزرَّاع كافر.
(وَمِنْه قيل: ليل كَافِر لِأَنَّهُ يستر كل شَيْء)«غريب الحديث »(1/247)لابن قتيبة.
و(الكافِرُ: الزارعُ، لأنه يغطِّي البَذْرَ بالتراب. والكُفَّارُ: الزُّرّاعُ)«الصحاح»(2/808).

وفي تفسير الآية قولٌ آخر:أنهم الكفار بالله ورسوله.
وهذا ترجيح ابن القيم فقد قال رحمه الله في«عدة الصابرين»(171):أخبر سبحانه عن مصير الدنيا وحقيقتها،وأنها بمنزلة غيث أعجب الكفار نباته،والصحيح إن شاء الله أن الكفار هم الكفار بالله،وذلك عُرف القرآن حيث ذُكروا بهذا النعت في كل موضع،ولو أراد الزراع لذكرهم باسمهم الذى يُعرفون به، كما ذكرهم به في قوله:﴿ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ﴾[الفتح:29]،وإنما خص الكفار به لأنهم أشد إعجابا بالدنيا،فإنها دارهم التي لها يعملون ويكدحون،فهم أشد إعجابا بزينتها وما فيها من المؤمنين.اهـ 

تكلم والدي عن مسألة  تراجع المخطئ.ثم قال:والرجوع إلى الحق فضيلة.

فاستنكر كثيرٌ منا هذه العبارة لماذا لا يقول: والرجوع إلى الحق واجب.
فقال:أليس الواجب فضيلة؟
ففهمنا بعد ذلك أن الفضل لا ينافي الوجوب.