جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 1 ديسمبر 2018

(49)الإجابةُ عن الأسئلةِ


  عندي سؤال:هل يمكن أن تعطيني مثال بسيط لعلم اليقين ثم عين اليقين ثم حق اليقين.   



               بسم الله الرحمن الرحيم



إليكِ الجواب وفقكِ الله من كلام شيخ الإسلام مع شيءٍ من التصرُّفِ.

قال شيخ الإسلام رحمه الله في مجموع الفتاوى(10/645) في الجواب عَنْ قَوْله تَعَالَى:{حَقُّ الْيَقِينِ}،وَ {عَيْنَ الْيَقِينِ}،وَ{عِلْمَ الْيَقِينِ}فَمَا مَعْنَى كُلِّ مَقَامٍ مِنْهَا؟ وَأَيُّ مَقَامٍ أَعْلَى؟

فَأَجَابَ:

{عِلْمَ الْيَقِينِ} مَا عَلِمَهُ بِالسَّمَاعِ وَالْخَبَرِ وَالْقِيَاسِ وَالنَّظَرِ.

 وَ {عَيْنَ الْيَقِينِ} مَا شَاهَدَهُ وَعَايَنَهُ بِالْبَصَرِ.

 وَ{حَقُّ الْيَقِينِ} مَا بَاشَرَهُ وَوَجَدَهُ وَذَاقَهُ وَعَرَفَهُ بِالِاعْتِبَارِ.

ثم ضرب أمثلةً لكلٍّ من هذه الثلاث الحالات:

 الْأُولَى علم اليقين: مِثْلُ مَنْ أُخْبِرَ أَنَّ هُنَاكَ عَسَلًا وَصَدَّقَ الْمُخْبِرَ. أَوْ رَأَى آثَارَ الْعَسَلِ فَاسْتَدَلَّ عَلَى وُجُودِهِ.

ومثل: مَنْ يُخْبِرُهُ شَيْخٌ لَهُ يُصَدِّقُهُ أَوْ يُبَلِّغُهُ مَا أَخْبَرَ بِهِ الْعَارِفُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ أَوْ يَجِدُ مِنْ آثَارِ أَحْوَالِهِمْ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.

ومثل: الْعِلْمُ بالجنة ونعيمها والنار وعذابِها لَمَّا أَخْبَرَتْهُمْ الرُّسُلُ وَمَا قَامَ مِنْ الْأَدِلَّةِ عَلَى وُجُودِ ذَلِكَ.



الثانية عين اليقين:مِثْلُ مَنْ رَأَى الْعَسَلَ وَشَاهَدَهُ وَعَايَنَهُ وَهَذَا أَعْلَى كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:{لَيْسَ الْمُخْبِرُ كَالْمُعَايِنِ} .

ومثل:إذَا عَايَنُوا مَا وُعِدُوا بِهِ مِنْ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ.

الثالثة حق اليقين:إذَا بَاشَرُوا ذَلِكَ؛ فَدَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَذَاقُوا مَا كَانُوا يُوعَدُونَ وَدَخَلَ أَهْلُ النَّارِ النَّارَ وَذَاقُوا مَا كَانُوا يُوعَدُونَ.

ثم قال شيخ الإسلام رحمه الله في مثالٍ آخر للحالات الثلاث:

 مَنْ أُخْبِرَ بِالْعِشْقِ أَوْ النِّكَاحِ وَلَمْ يَرَهُ وَلَمْ يَذُقْهُ كَانَ لَهُ عِلْمٌ بِهِ.

 فَإِنْ شَاهَدَهُ وَلَمْ يَذُقْهُ كَانَ لَهُ مُعَايَنَةٌ لَهُ.

فَإِنْ ذَاقَهُ بِنَفْسِهِ كَانَ لَهُ ذَوْقٌ وَخِبْرَةٌ بِهِ،وَمَنْ لَمْ يَذُقْ الشَّيْءَ لَمْ يَعْرِفْ حَقِيقَتَهُ،فَإِنَّ الْعِبَارَةَ إنَّمَا تُفِيدُ التَّمْثِيلَ وَالتَّقْرِيبَ وَأَمَّا مَعْرِفَةُ الْحَقِيقَةِ فَلَا تَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الْعِبَارَةِ إلَّا لِمَنْ يَكُونُ قَدْ ذَاقَ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمُعَبَّرَ عَنْهُ وَعَرَفَهُ وَخَبَرَهُ .اهـ بتصرُّفٍ.



فنكون فهمنا مِن هذه الأمثلة المراد بعلم اليقين-عين اليقين-حق اليقين.وإليكِ أيضًا مثالًا آخر:

سمعت عن بعض الثقات عام 1418 أن هناكَ الشيخ مقبل بن هادي في دار الحديث بدمَّاج يعلِّم الكتاب والسنة على فهم سلف الأمِّة.هذا علم اليقين لأنه بلغكِ وليس عندك شكٌّ ولا تردد في صحته.

ثم ترقيت وجئت إلى دارِ الحديث فرأيت وشاهدت بعينيكِ ما ذُكِر لك.هذا عين اليقين.

ثم ترقيتِ فبقيتِ هناكَ وذُقتِ تلكَ السعادة العلمية،ونهلتِ من العلم النافع والفقه الإسلامي.هذا حق اليقين لأنكِ ذقتِ الحقيقة،وهذا أعلى هذه المراتب.والله أعلم.