جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 26 نوفمبر 2018

(63)سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ



          
             فوائد ومسائل من دروس تفسير ابن كثير

                [سورة الأنبياء (21):الآيات 41 - 43]


﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (41) قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ (42) أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (43)﴾

﴿ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ﴾ أي:أحاط بهم جزاؤهم وهو العذاب.

﴿يَكْلَؤُكُمْ﴾ أي:يحفظكم.

﴿مِنَ الرَّحْمنِ﴾ قال ابن كثير:أي «بدل الرحمن يعني غيره»

كما قال الشاعر:

جَارِيَةٌ لَمْ تَلْبَسِ الْمُرَقَّقَا ... وَلَمْ تَذُقْ مِنَ الْبُقُولِ الْفُسْتُقَا

﴿بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ﴾ أي لا يعترفون بنعمة الله عَلَيْهِمْ وَإِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ،بَلْ يُعْرِضُونَ عَنِ آيَاتِهِ وَآلَائِهِ.

﴿أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا﴾ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ وَتَقْرِيعٍ وَتَوْبِيخٍ،أَيْ أَلَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ وَتَكْلَؤُهُمْ غَيْرُنَا؟ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا تَوَهَّمُوا،وَلَا كَمَا زَعَمُوا.

﴿ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ﴾أي هَذِهِ الْآلِهَةُ الَّتِي اسْتَنَدُوا إِلَيْهَا غَيْرَ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ.اهـ من تفسير ابن كثير.

﴿وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ﴾ فيه أقوالٌ للمفسِّرين:

أنهم لا يجارون من المكاره والعذاب،كما قال تعالى:﴿ قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ(88)﴾[المؤمنون:88].

أنهم لا يُصحبون مِنَ اللَّهِ بِخَيْرٍ.

أنهم لا يمنعون.

من الفوائد:

- تسلية الله عز وجل لنبيه محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأن هذا سبيل المشركين في الاستهزاء بالأنبياء والرسل،وكما قال سبحانه:﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (35)﴾[الأحقاف:35]،وقال  سبحانه:﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (34) ﴾[الأنعام:34].

-وفيه وعد الله لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالنصر والانتقام من أعدائه كما فعل كذلك بأعداء الرسل من قبل.

- أنه لا حافظ للإنسان في ليله ونهاره وتقلبه وانتشاره في الأرض إلا الله،والله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين.

- وصف آلهة المشركين بالضعف والعجز وأنها عاجزة عن نفع نفسها فكيف يُرجى النفع منها لعابديها ،وكما قال تعالى:﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (197)﴾[الأعراف:197].

-وفيه الدعوة إلى توحيد الله عز وجل فهو الذي بيده الضر والنفع وهو الذي يستحق العبادة وحده سبحانه لا شريك له.