جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 1 ديسمبر 2018

(134)الاخْتِيَارَاتُ العِلْمِيَّةُ لوالدي الشيخ مقبل رحمه الله


           

                  من فقه والدي رحمه الله

               تقديم الكبير في سقي الشراب



عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَقَى قَالَ: ابْدَءُوا بِالْكَبِيرِ.أَوْ قَالَ: بِالْأَكَابِرِ. رواه أبو يعلى في مسنده (2425).

وذكره والدي رحمه الله في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين (2742)تحت باب:البدء بالكبير في الشرب.



وكتبت عن والدي رحمه الله:الحديث يقول عنه الحافظ سنده قوي، والذي يظهر لي أنه كما يقول الحافظ، والشيخ الألباني يضعفه من أجل البدء باليمين[ذكره في السلسلة الضعيفة(5734)]،ولكن ممكن يجمع بين أدلة البدء باليمين وهذا الحديث أنه يُبدأ بالأكابر، ثم بعد ذلك مَن على اليمين.



وَكتبت  أيضًا عنه رحمه الله في جوابٍ على سؤالٍ قُدِّم له: في بعض الأدلة ورد تقديم الأكبر في السؤال«كَبِّرْ كَبِّرْ»،وفي بعضها ورد تقديم الأيمن كالشرب، كحديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهَا حُلِبَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةٌ دَاجِنٌ، وَهِيَ فِي دَارِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَشِيبَ لَبَنُهَا بِمَاءٍ مِنَ البِئْرِ الَّتِي فِي دَارِ أَنَسٍ، فَأَعْطَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القَدَحَ، فَشَرِبَ مِنْهُ حَتَّى إِذَا نَزَعَ القَدَحَ مِنْ فِيهِ، وَعَلَى يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ عُمَرُ: وَخَافَ أَنْ يُعْطِيَهُ الأَعْرَابِيَّ،أَعْطِ أَبَا بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدَكَ، فَأَعْطَاهُ الأَعْرَابِيَّ الَّذِي عَلَى يَمِينِهِ، ثُمَّ قَالَ:«الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ»رواه البخاري(2352)،ومسلم (2029) فما هو الجمع؟

جـ: يعمل بكل دليل في موضعه، فما ورد فيه تقديم الأكبر يُعمل به،وما ورد فيه تقديم الأيمن يعمل به.

وليس الكِبَرُ معتبرًا في كل شيء.

وقد جاء أن عمر بن عبد العزيز سأله شاب فقال له: «كَبِّرْ كَبِّرْ»، فقال له الشاب: يا أمير المؤمنين إنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه، وإن في القوم من لا يحسن التعبير، ولو كانت المسألة بالكِبَر ففي القوم من هو أكبر منك().



-----------------

قلت: وهناكَ مزيدٌ-على ما أفاده والدي،وما ذهب إليه الشيخ الألباني من تضعيف الحديث لأنه يخالف أدلة البدْء باليمين-للحافظ ابن حجر رحمهم الله في فتح الباري(5620)فقد قال عن أدلة تقديم الأكبر ومخالفتها لتقديم الأيمن: يُجْمَعُ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي يَجْلِسُونَ فِيهَا مُتَسَاوِينَ:إِمَّا بَيْنَ يَدَيِ الْكَبِيرِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ كُلُّهُمْ أَوْ خَلْفَهُ أَوْ حَيْثُ لَا يَكُونُ فِيهِمْ فَتُخَصُّ هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ عُمُومِ تَقْدِيمِ الْأَيْمَنِ.

قال:أَوْ يُخَصُّ مِنْ عُمُومِ هَذَا الْأَمْرُ بِالْبُدَاءَةِ بِالْكَبِيرِ مَا إِذَا جَلَسَ بَعْضٌ عَنْ يَمِينِ الرَّئِيسِ وَبَعْضٌ عَنْ يَسَارِهِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُقَدَّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ وَالْمَفْضُولُ عَلَى الْفَاضِلِ.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين(8/238)في الكلام على هذه المسألة:

 إذا قدمتَ الطعام مثلًا أو القهوة أو الشاي فلا تبدأ باليمين، بل ابدأ بالأكبر الذي أمامك،لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يعطيه-أي السواك- الأصغر قيل له:كبِّر،ومعلوم أنه لو كان الأصغر هو الأيسر لا يذهب الرسول صلى الله عليه وسلم يعطيه إياه،فالظاهر أنه أعطى الأيمن من أجل التيامُن، لكن قيل له كبّر: يعني أعطه الأكبر.

 فهذا إذا كان الناس أمامك تبدأ بالكبير،لا تبدأ باليمين، أما إذا كانوا جالسين عن اليمين وعن الشمال فابدأ باليمين. وبهذا يجمع بين الأدلة الدالة على اعتبار التكبير أي مراعاة الكبير،وعلى اعتبار الأيمن،أي مراعاة الأيمن،فنقول:إذا كانت القصة كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان معه إناء يشرب منه، وعلى يساره الأشياخ وعلى يمينه غلام وهو ابن عباس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للغلام أتأذن لي أن أعطي هؤلاء فقال الغلام:لا والله، لا أوثر بنصيبي منك أحدًا. فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإذا كان هكذا فأعطه مَن على يمينك، أما الذين أمامك فابدأ بالكبير، كما تدل عليه السنة، وهذا هو وجه الجمع بينهما.اهـ





()أخرج أثر عمر بن عبدالعزيز بإسناده ابن عبدالبر في التمهيد(23/204)بلفظ: قَدِمَ وَفْدٌ مِنَ الْعِرَاقِ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَنَظَرَ عُمَرُ إِلَى شَابٍّ مِنْهُمْ يُرِيدُ الْكَلَامَ وَيَهَشُّ إِلَيْهِ فَقَالَ عُمَرُ كَبِّرُوا كَبِّرُوا يَقُولُ قَدِّمُوا الْكِبَارَ

قَالَ الْفَتَى: يَا أَمِيرَ المؤمنين إِنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ بِالسِّنِّ وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَكَانَ فِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْكَ قَالَ:صَدَقْتَ فَتَكَلَّمْ رَحِمَكَ اللَّهُ قَالَ إِنَّا وَفَدُ شُكْرٍ..