جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 1 ديسمبر 2018

(3)فوائد من دروس التبيان في آداب حملة القرآن


اختصار الباب الثاني

(في ترجيح القراءة والقارئ على غيرهما)

(ترجيح) أي:تفضيل.

(ثبت عن أبي مسعود الأنصاري البدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:«يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ» رواه مسلم.

قال النووي رَحِمَهُ الله:[أبو مسعود البدري:اسمه عقبة بن عمرو.وقال جمهور العلماء:سكن بدرًا،ولم يشهدها.وقال الزهري والبخاري وغيرهما:شهدها مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ].

(الأنصاري) الأنصار:الأوس والخزرج.

من الفوائد:فضل حافظ القرآن وأنه أحقُّ بالإمامة من غيره.

وهذا الحكم لا يشمل المرأة في إمامة الرجال إذا كانت أحفظَهم لحديث«لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً».رواه البخاري (4425) عن أبي بكرة.

أما حديث أُمِّ وَرَقَةَ أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يَزُورُهَا فِي بَيْتِهَا وَجَعَلَ لَهَا مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ لَهَا،وَأَمَرَهَا أَنْ تَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا.رواه أبو داود (592)

فهذا حديث إسناده ضعيف.فيه عبد الرحمن بن خلاد مجهولٌ لم يوثقه معتبر.

وتابع عبدَالرحمن جدةُ الوليد.كما في مسند أحمد (45/ 255)

وجدَّة الوليد هي ليلى بنت مالك قال الحافظ في «تقريب التهذيب»(8807):الوليد بن عبد الله بن جميع عن جدته عن أم ورقة،هي ليلى بنت مالك:لا تعرف.اهـ.

وعلى ثبوته يُحمل على أنها تؤم أهلَ دارها من النساء.

قوله رَحِمَهُ الله:وعن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال:كَانَ القُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجْلِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ،كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا.رواه البخاري في «صحيحه».

قوله:(كهولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا) الكهولة والشباب من مراحل عمر الإنسان.

قال ابن الجوزي رَحِمَهُ الله في «مواسم العمر» (ص37) :باب:ذكر مواسم العمر.

اعلم - وفقك الله - أن مواسم العمر خمسة:

الموسم الأول:من وقت الولادة إلى زمان البلوغ،وذلك خمس عشرة سنةً.

والموسم الثاني:من زمان بلوغه إلى نهاية شبابه،وذلك خمسٌ وثلاثون سنةً.

 والموسم الثالث:من ذلك الزمان إلى تمام خمسين سنةً،وذلك زمان الكهولة،وقد يقال:كهل لما قبل ذلك.

والموسم الرابع:من بعد الخمسين إلى تمام السبعين،وذلك زمان الشيخوخة.

والموسم الخامس:ما بعد السبعين إلى نهاية آخر العمر،فهو زمان الهرم.

قال:وقد يتقدم ما ذكرنا من السنين ويتأخر.

مِنَ الْفَوَائِدِ:

¯ فيه فضل أهل القرآن وإنزالهم منازلهم.

¯ أنه ينبغي لولي الأمر أن يُقرِّبَ منه العلماء أهلَ الأمانة والدين،وأن يحذر السَّفلة والجهال ويبعدهم منه؛ لأنهم خطر وهلاك.وهذه هي البطانة.فالبطانة الصالحة تعين على الرشد والصلاح والخير،إن نسي ذكَّروه ونبَّهوه،وإن ذَكر شجَّعوه وأعانوه،والبطانة السيئة إن نسيَ لم يذكِّروه،وإن ذَكر لم يعينوه؛ لأنهم لا يخافون الله عَزَّ وَجَل،فهؤلاء يجب على ولي الأمر أن يبعدهم منه وأن يحذَرَهم.

روى الإمام البخاري (7198) -تحت بَابُ بِطَانَةِ الإِمَامِ وَأَهْلِ مَشُورَتِهِ- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ،عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،قَالَمَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ،وَلَا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَةٍ،إِلَّا كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ:بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ،وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ،فَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ تَعَالَى».

قال البغوي رَحِمَهُ الله في «شرح السنة» (10/74) :الْبِطَانَةُ:الأَوْلِيَاءُ وَالأَصْفِيَاءُ،قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:﴿لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ﴾ [آل عمرَان:118أَيْ:أَصْفِيَاءَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ دِينِكُمْ،لأَنَّهُمْ يَغُشُّونَكُمْ،وَلا يَنْصَحُونَكُمْ.اهـ.

وحديث أبي سعيد فيه وصية من نبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ لولاة الأمور أن يختاروا لأنفسهم البطانة الصالحة من وُزَراء ومستشارين ونحوهم.وقد قال الإمام البخاري في ضمن ترجمةِ حديث (7369) :وَكَانَتِ الأَئِمَّةُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَشِيرُونَ الأُمَنَاءَ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ.اهـ.

وقال أشهب المالكي رَحِمَهُ الله في وصف بطانة الحاكم:وَلْيَكُنْ ثِقَةً مَأْمُونًا فَطِنًا عَاقِلًا،لِأَنَّ الْمُصِيبَةَ إِنَّمَا تَدْخُلُ عَلَى الْحَاكِمِ الْمَأْمُونِ مِنْ قَبُولِهِ قَوْلَ مَنْ لَا يَوْثُقُ بِهِ إِذَا كَانَ هُوَ حَسَنُ الظَّنِّ بِهِ.كذا في «فتح الباري» (13/190).

ولما غفل كثيرٌ من أولياء الأمور عن هذا الشأن دخل عليهم الشر والفساد،لأنهم قرَّبوا مَن نُهُوا عنِ القُرْب مِنه،قرَّبوا الفسقة والعصاة،واتخذوهم بطانة.