جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 7 فبراير 2017

(87)الاخْتِيَارَاتُ العِلْمِيَّةُ لوالدي الشيخ مقبل رحمه الله



سألت والدي رَحِمَهُ اللَّهُ:




عن الحديث الذي رواه مسلم (8) عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: «بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ ..».



هل وضع جبريلُ عليه الصلاة والسلام كفيه على فخذَي النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، أم على فخِذَي نفسِه؟


ج/ الشيخ: وضع يديه على فخِذَيِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.


------------


قلت: رحم الله والدي ونفعَنا بعلمِه هناكَ رواية في «سنن النسائي» (4991) بلفظ: «حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رُكْبَتَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ..». قال العلامة الألباني في «إرواء الغليل» (1ص33): سنده صحيح.


قال الحافظ في «فتح الباري» (تحت رقم 50): أَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: «على فَخذيهِ» يَعُودُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِهِ جَزَمَ الْبَغَوِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ التَّيْمِيُّ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَرَجَّحَهُ الطِّيبِيُّ بَحْثًا، لِأَنَّهُ نَسَقُ الْكَلَامِ.


خِلَافًا لِمَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ، وَوَافَقَهُ التُّورِبَشْتِيُّ، لِأَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ جَلَسَ كَهَيْئَةِ الْمُتَعَلِّمِ بَيْنَ يَدَيْ مَنْ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ.


وَهَذَا وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا مِنَ السِّيَاقِ، لَكِنْ وَضْعُهُ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنِيعٌ مُنَبِّهٌ لِلْإِصْغَاءِ إِلَيْهِ.


وَفِيهِ إِشَارَةٌ لِمَا يَنْبَغِي لِلْمَسْئُولِ مِنَ التَّوَاضُعِ وَالصَّفْحِ عَمَّا يَبْدُو مِنْ جَفَاءِ السَّائِلِ.


وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الْمُبَالَغَةَ فِي تَعْمِيَةِ أَمْرِهِ لِيُقَوِّيَ الظَّنَّ بِأَنَّهُ مِنْ جُفَاةِ الْأَعْرَابِ.


 وَلِهَذَا تَخَطَّى النَّاسَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تَقَدَّمَ.


وَلِهَذَا اسْتَغْرَبَ الصَّحَابَةُ صَنِيعَهُ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ، وَجَاءَ مَاشِيًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَثَرُ سَفَرٍ. اهـ.