جديد المدونة

جديد الرسائل

الأحد، 8 يناير 2017

(79)الاخْتِيَارَاتُ العِلْمِيَّةُ لوالدي الشيخ مقبل رحمه الله

  جمع والدي الشيخ مقبل رحمه الله بين حديث ابن مسعود وحذيفة بن أَسيد
عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ، قَالَ: « إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، وَيُقَالُ لَهُ: اكْتُبْ عَمَلَهُ، وَرِزْقَهُ، وَأَجَلَهُ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجَنَّةِ إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ كِتَابُهُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، وَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ »رواه البخاري (3208)،ومسلم (2643).
عن حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً، بَعَثَ اللهُ إِلَيْهَا مَلَكًا، فَصَوَّرَهَا وَخَلَقَ سَمْعَهَا وَبَصَرَهَا وَجِلْدَهَا وَلَحْمَهَا وَعِظَامَهَا، ثُمَّ قَالَ: يَا رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ أَجَلُهُ، فَيَقُولُ رَبُّكَ مَا شَاءَ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ رِزْقُهُ، فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ، ثُمَّ يَخْرُجُ الْمَلَكُ بِالصَّحِيفَةِ فِي يَدِهِ، فَلَا يَزِيدُ عَلَى مَا أُمِرَ وَلَا يَنْقُصُ » رواه مسلم (2645).
أخبرنا والدي رحمه الله أنه قال لهُ طبيبٌ :كيف إذا خالف الطِّبُّ الدليلَ ؟
فقال له الشيخ: مثالُ ذلك ؟
فقال الطبيب : وجدنا في الأجنَّة  من تَكوَّن خلقُها قبل الأربعة الأشهر .
فقال الشيخ رحمه الله: هذه حالة أخرى قد جاءت في حديث حُذيفة بن أَسيد، ثم ذكر له اللفظ المتقدم اهـ.
--------------
قلت: قال ابن رجب رحمه الله في«جامع العلوم والحكم»-شرح حديث ابن مسعود-: وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ-أي حديث حذيفة- يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَصْوِيرَ الْجَنِينِ وَخَلْقَ سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَجِلْدِهِ وَلَحْمِهِ وَعِظَامِهِ يَكُونُ فِي أَوَّلِ الْأَرْبَعِينَ الثَّانِيَةِ، فَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَرْبَعِينَ الثَّانِيَةِ لَحْمًا وَعِظَامًا.
وَقَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَلَكَ يُقَسِّمُ النُّطْفَةَ إِذَا صَارَتْ عَلَقَةً إِلَى أَجْزَاءٍ، فَيَجْعَلُ بَعْضَهَا لِلْجَلْدِ، وَبَعْضَهَا لِلَّحْمِ، وَبَعْضَهَا لِلْعِظَامِ، فَيُقَدَّرُ ذَلِكَ كُلُّهُ قَبْلَ وُجُودِهِ. وَهَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ، بَلْ ظَاهِرُهُ أَنْ يُصَوِّرَهَا وَيَخْلُقَ هَذِهِ الْأَجْزَاءَ كُلَّهَا، وَقَدْ يَكُونُ خَلْقُ ذَلِكَ بِتَصْوِيرِهِ وَتَقْسِيمِهِ قَبْلَ وُجُودِ اللَّحْمِ وَالْعِظَامِ، وقَدْ يَكُونُ هَذَا فِي بَعْضِ الْأَجِنَّةِ دُونَ بَعْضٍ.اهـ المراد.