جديد الرسائل

الثلاثاء، 23 ديسمبر 2025

(98) اللغة العربية

هل تأتي كلمة أجمعين نصبًا على الحال؟

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَلَا تُكَبِّرُوا حَتَّى يُكَبِّرَ، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَلَا تَرْكَعُوا حَتَّى يَرْكَعَ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَلَا تَسْجُدُوا حَتَّى يَسْجُدَ، وَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا أَجْمَعِينَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَهَذَا لَفْظُهُ، وَأَصْلُهُ فِي «الصَّحِيحَيْنِ». اهـ من «بلوغ المرام ».

 

قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَصَلُّوا قُعُودًا أَجْمَعِينَ) هذا بالنصب على الحال، وقد ضعَّف رواية النصب ابن هشام في «شرح قطر الندى»، وقال: يُرْوَى بِالرَّفْعِ تَأْكِيدًا لِلضَمِيرِ، وَبِالنَّصبِ عَلَى الْحَالِ، وَهُوَ ضَعِيفٍ؛ لاستِلزَامِهِ تَنكِيرَهَا، وَهِيَ مَعرِفَةٌ بِنِيَّةِ الْإِضَافَةِ.  

هذا ترجيح ابن هشام رَحِمَهُ الله أن (أجمعين) لا يكون إلا توكيدًا، وهو قول الفراء والبصريين.

وقد جوَّز نصب (أجمعين) على الحال  ابن درستويه وابن كيسان، ورجحه ابن مالك في «شرح التسهيل»(3/295)، وقال: هو الصحيح؛ لأنه قد صح بضبط الثقات من قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا صلى قائما فصلوا قياما، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين».

قال: وممن صحح النصب في أجمعين المذكور في الحديث المذكور القاضي عياض رحمه الله، وقال: إنه منصوب على الحال.

وفي «المساعد على تسهيل الفوائد»(2/391): فيجوز نصب (أجمعين، وجُمَع) على الحال، وهو قول ابن كيسان، وعن الفراء منع ذلك، وهو قول البصريين.

قال ابن مالك في «شرح التسهيل»(3/295): وجعل بعضهم أجمعين توكيدًا لضمير مقدر منصوب، كأنه قال: أعنيكم أجمعين. اهـ المراد.

وعلى هذا القول أن (أجمعين) تأكيد للكاف المقدرة في(أعنيكم) يكون فيه جواز حذف المؤكَّد، وقد أجاز حذفه الخليل وسيبويه والمازني وابن طاهر وابن خرُّوف، وجعلوا منه هذا الحديث المذكور.

وعند جماعة من النحويين، منهم: الأخفش والفارسي وابن جني وثعلب أنه لا يجوز حذف المؤكَّد، قال الأهدل في « الكواكب الدرية»(2/590): وهو الأصح.

 

وقال العيني في « نخب الأفكار»(6/353): ووقع في بعض رواية أبي داود: «أجمعون»  بالرفع، وجه النصب: أن يكون تأكيدًا لقوله: «قعودًا»، ووجه الرفع: أن يكون تأكيدًا للضمير الذي في قوله: «فصلوا»، فافهم.

[مقتطف من دروس بلوغ المرام لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]