جديد الرسائل

الثلاثاء، 23 ديسمبر 2025

(148)نصائح وفوائد

  من أنواع التنفير عن الخير

 

يقول النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ لمعاذٍ: «أَتُرِيدُ أَنْ تَكُونَ يَا مُعَاذُ فَتَّانًا؟!».

قال الإمام النووي في «شرح صحيح مسلم» (4/182): أَيْ: مُنَفِّرٌ عَنِ الدِّينِ وَصَادٌّ عَنْهُ.

ويقول النَّبِيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُوجِزْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الكَبِيرَ، وَالضَّعِيفَ، وَذَا الحَاجَةِ» رواه البخاري (7159)، ومسلم (466) عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

 وروى البخاري (3038)، ومسلم (1733) عن أبي موسى الأشعري أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَ مُعَاذًا وَأَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ إِلَى اليَمَنِ قَالَ: «يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا وَلَا تَخْتَلِفَا».

والتنفير عن هذا الدين وعن الخير أنواع، منها:

الإطالة في صلاة جماعة الفريضة، قد يكون فيها تنفير؛ لأن الناس فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة.

 وقد يكون بالأخلاق السيئة والقسوة في التعامل، قال تَعَالَى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159].

 وقد يكون التنفير بالتشديد على الناس، وقد ذكر لنا والدي رَحِمَهُ اللهُ ضابطًا في التشدد وهو: أن يرفع المستحب إلى الواجب، والمكروه إلى المحرم...

 وقال لنا والدي رَحِمَهُ اللهُ: ينبغي لطالب العلم أن ييسر، وليس معناه: أنه مفَوَّضٌ في دين الله، ولكن إذا وجد رخصة يفرح بها للمسلمين، كما قال سفيان الثوري: إنما العالم الذي ييسر للناس. وأما التشديد والتعسير فكل يحسنه!

هكذا كان يقول رَحِمَهُ الله؛ فإن التيسير -في حدود الشرع- يجذب قلوب الناس إلى السنة، والعلم يبصِّر بالطريق النافعة والطريق الضارة، نسأل الله أن ينفعنا بذلك.

وما يسمى بالمرح وإعطاء النفس شيئًا من الفسحة، فمثلًا:

 إذا وجدت نساء في مجلسٍ يتضاحكن فنحن لسنا متشددين، ولكن من غير مضيعة، النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يقول: «لَا تُكْثِروا الضَّحِكَ فَإن كَثْرَة الضَّحِكِ تُمِيتُ القَلْبَ» رواه البخاري في «الأدب المفرد» (253) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وننصح بناتنا وأخواتنا ألَّا يضيعن أوقاتهن بالمضاحكات والمحادثات التي ليس من ورائها فائدة.

إذَن إذا جاءت واحدة ومنعتهن من الضحك المعتدل يكون هذا تشددًا، فإذا استرسلن في الضحك-  لأنهن شابات قد لا ينتبهن وطال الوقت-، فأنكرَتْ عليهن ونصحتْهن يكون هذا في موضعه.

 فلا تطيلي ولا تسترسلي؛ فإن هذا يؤثِّر على حياة القلب، وفيه مضيعة للوقت، النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: « احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ» رواه مسلم (2664) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

[مقتطف من دروس بلوغ المرام لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]