جديد الرسائل

السبت، 22 نوفمبر 2025

(1) من أحكام الزكاة

 

                            ابن السبيل

قال شيخ الإسلام في « الواسطية» في سياق ما يأمر به أهل السنة: وَالإِحْسِانِ إلَى الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ...

السبيل: الطريق.

ابن السبيل: المسافر البعيد عن منزله، نسب إلى السبيل؛ لممارسته إياه. كما في «المفردات»(395).

وقال رَحِمَهُ اللهُ في هذا المرجع نفسه(147): ويقال لكلّ ما يحصل من جهة شيء أو من تربيته، أو بتفقده، أو كثرة خدمته له أو قيامه بأمره: هو ابنه، نحو: فلان ابن الحرب، وابن السبيل للمسافر، وابن الليل، وابن العلم، قال الشاعر: أولاك بنو خير وشرّ كليهما، وفلان ابن بطنه وابن فرجه: إذا كان همّه مصروفا إليهما، وابن يومه: إذا لم يتفكّر في غده. اهـ.

الذي يكثر من ممارسة شيء قد يُنسب إليه، فهنا مثلًا: الذي يمارس السفر يقال له: ابن السبيل. ويقال: فلان ابن الحرب، للذي يدخل في الحروب والجهاد، وابن الليل، للذي يكثر الخروج في الليل، وابن العلم، للذي يعتني بالعلم، ابن المسجد، للذي يتردد إلى المساجد، ابن يومه وهذا كما في المثل: كن ابن يومك، أي: لا تشتغل بالماضي ولا بالمستقبل، فكِّر واعتنِ بيومك هذا أفضل؛ لأن الماضي قد فات فلا ينفع، والمستقبل الله عَزَّ وَجَلَّ هو الذي يسيِّره، فلا يفكر ويشغل نفسه بالتفكير والوساوس.

قال الشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ اللهُ في «شرح العقيدة الواسطية»(2/324): ابن السبيل، وهو المسافر، وهو هنا المسافر الذي انقطع به السفر، أو لم ينقطع؛ بخلاف الزكاة؛ لأن المسافر غريب، والغريب مستوحش، فإذا آنسته بإكرامه والإحسان إليه؛ فإن هذا مما يأمر به الشرع. اهـ.

فابن السبيل في باب الزكاة هو: المسافر الذي انقطعت به النفقة، أما هنا في الحث على الإحسان إلى ابن السبيل، يشمل المسافر الذي انقطعت به النفقة ومن لم تنقطع به؛ لأن السفر غربة، فيحتاج المسافر إلى من يؤانسه ويعطف عليه.

ومن كلام والدي رَحِمَهُ اللهُ في وصيته-يقول في سياق حثه على الرحمة بالغرباء والشفقة عليهم-: (والغريب يتألم من أي كلمةٍ، لا سيما وبعضهم أتى من بلده متنعمًا؛ فارفقوا بهم حفظكم الله!).

[مقتطف من دروس العقيدة الواسطية لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]