جديد الرسائل

الخميس، 30 أكتوبر 2025

(2) سلسلة محاسن الاسلام

 

                          من محاسن الإسلام

قال شيخ الإسلام في « العقيدة الواسطية» في صفات أهل السنة والجماعة: وَيَعْتَقِدُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ الْمَرْصُوصِ؛ يَشُدُّ بَعْضَهُ بَعْضًا»، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ.

قوله: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ الْمَرْصُوصِ» أي: المؤمن كامل الإيمان، هذا يكون لصاحبه كالبنيان، تماسك وقوة ورحمة.

«يَشُدُّ بَعْضَهُ بَعْضًا» قال الشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ اللهُ في «شرح الواسطية»(2/307): شبه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المؤمن لأخيه المؤمن بالبنيان الَّذي يشد بعضه بعضًا؛ حتَّى يكون بناء محكمًا متماسكًا يشد بعضه بعضًا، ويقوى به، ثم قرَّب هذا وأكده، فشبك بين أصابعه. فالأصابع المتفرقة فيها ضعف؛ فإذا اشتبكت قوَّى بعضها بعضًا؛ فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا؛ فالبنيان يمسك بعضه بعضًا، كذلك المؤمن مع أخيه إذا صار في أخيه نقص؛ فإن هذا يكمله؛ فهو مرآة أخيه، إذا وجد فيه النقص كمَّله، إذا احتاج أخوه ساعده، إذا مرض أخوه عاده... وهكذا في كل الأحوال. فأهل السنة والجماعة يعتقدون هذا المعنى ويطبقونه عملًا. اهـ.

وفي هذا ما روى الإمام مسلم (2699) عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قال: «وَاللهُ فِي عَوْنِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ».

وعن عَبْداللَّهِ بْن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ». رواه البخاري (2442 ومسلم (2580).

فالذي يسعى في قضاء حوائج أخيه، الله عَزَّ وَجَلَّ يتولى قضاء حوائجه، وهذا تشجيع وترغيب في قضاء حوائج الأخ المسلم حتى في العلم، بل العلم أعظم ما يكون التعاون فيه، فالعلم تبذله طالبة العلم، وتعين من احتاجت لها في حدود ما تعلم، هذا فضله عظيم، والجزاء من جنس العمل، من أعان غيره أعانه الله.

وقوله: (وشبك بين أصابعه) استفدنا من تعليق الشيخ ابن عثيمين أن الأصابع المتفرقة يكون فيها ضعف، فممكن يكسرها أدنى شيء، لكن إذا كانت مجتمعه وانضم بعضها على بعض، فيها قوة لا تنفك بسرعة.

قال الحافظ ابن حجر رَحِمَهُ اللهُ في فتح الباري» في فوائد حديث أبي موسى(6026): وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الَّذِي يُرِيدُ الْمُبَالَغَةَ فِي بَيَانِ أَقْوَالِهِ يُمَثِّلُهَا بِحَرَكَاتِهِ؛ لِيَكُونَ أَوْقَعَ فِي نَفْسِ السَّامِعِ. اهـ.

هذا الحديث من ضرب الأمثال. قال ابن الجوزي رَحِمَهُ الله في «كشف المشكل» (1/316): الأمثال حِكْمَة الْعَرَب، بهَا ينْكَشف الشَّيْءُ الْخَفي.

[مقتطف من دروس الواسطية لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]