جديد المدونة

الاثنين، 30 سبتمبر 2024

(133)سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ

 

                   تذكير المؤمن بالله واليوم الآخر

قال تَعَالَى: ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (2)﴾[النور].

وقال تَعَالَى: ﴿ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾[البقرة:228] ﴿فِي أَرْحَامِهِنَّ﴾ وهو الحيض والحبل.

 

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ عَلَيْهَا» رواه البخاري(1088)، ومسلم  (1339) واللفظ لمسلم.

نستفيد من هذه الأدلة: تذكير المؤمن بالله واليوم الآخر؛ لأن المؤمن بالله واليوم الآخر هو الذي ينتفع  بالمواعظ والتخويف.

 

فمن كان يؤمن بالله سُبحَانَهُ وأنه واحد في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، ويؤمن باليوم الآخر، وأن العباد راجعون إلى الله، فلا تأخذه رأفة في دين الله فيخالف حكم الله، ويعطل أوامر الله.

[مقتطف من دروس سورة النور لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

كتب ورسائل الشيخة أم عبد الله حفظها الله.

 

 رسالة

» « الطيبون والطيبات

لأم عبد الله بنت الشيخ مقبل بن هادي الوادعي
حفظها الله تعالى 

للتحميل اضغط هنا

كتب ورسائل الشيخة أم عبد الله حفظها الله.


 كتاب

 

«شرح مختصر على كتاب الأمثال في القرآن»

 

لأم عبد الله بنت الشيخ مقبل بن هادي الوادعي
حفظها الله تعالى.

للتحميل اضغط هنا

السبت، 21 سبتمبر 2024

(75) اللغة العربية

 

                            من معاني ذات في اللغة العربية

 

تأتي «ذات» في اللغة العربية:

-ظرف زمان([1])، يقال: «ذات ليلة، ذات يوم، ذات مرة»، فإذا أُضيفت «ذات»  إلى وقت وكذا «ذا» فهما ظرفا زمان([2]).

 

-والغالب في «ذات» في اللغة العربية أنها بمعنى صاحبة، هذا هو الغالب المشهور فيها، قال الله عَزَّ وَجَل: ﴿ فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) ﴾[النمل].

ويقول النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللهَ» رواه البخاري (1423)، ومسلم (1031) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

 « ذَاتُ » أي: صاحبة. هذا هو الغالب والمشهور فيها.

 

-وتأتي اسم موصول بمعنى: التي فِي لُغَةِ بَعضِ طَيِّىءٍ، كما قال القائل: « بِالْفَضْلِ ذُو فَضَّلَكُمُ اللهُ بِهِ، وَالكَرَامَةِ ذَاتُ أَكرَمَكُمُ اللهُ بِهَا».

 

-وتأتي اسم إشارة، وهي أغربها كما قال ابن هشام في «شرح القطر»، وهذا نحو: «ذاتُ المرأةُ مجتهدة».

 

-وتأتي  أيضًا «ذات» بمعنى النفس، يقال: «جاء زيد ذاته» أي: نفسه، وهو توكيد معنوي.

 

[مقتطف من الدرس 41 من دروس بلوغ المرام لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

 



([1]) وإذا أضيفت إلى ظرف المكان، نحو: ذات اليمين وذات الشمال. فهي ظرف مكان.

([2])قال ابن مالك في «شرح تسهيل الفوائد»(2/203):  اعلم أنّ من الظروف التي لا تتصرف ذُو وذات مضافين إلى وقت، كقولهم: لقيته ذا صباح وذات مرّة وذات يوم أو ليلة. وهذا النوع عند غير "خَثْعَم" لا يستعمل إلا ظرفا، وقد يستعمل عند خثعم غير ظرف، كقول بعضهم:

عَزَمتُ على إقامةِ ذي صباح ... لأمْرٍ ما يُسَوَّدُ مَن يَسُودُ

فلو قيل على هذه اللغة: سرى عليها ذاتُ ليلة، بالرفع لجاز، ولا يقال على لغة غيرهم من العرب: إلا سرى عليها ذاتَ ليلة، بالنصب.

وقال أبو حيان في « الارتشاف »(3/1396): (وذا) و (ذات)، مضافين إلى زمان تلتزم العرب فيهما النصب على الظرفية، تقول: لقيته ذا صباح وذا مساء وذا صبوح، وذا غبوق، وذات مرة، وذات الزمين، وذات العويم، وذات يوم، وذات ليلة...

 

(50)الآداب

 

               حكم السمر بعد صلاة العشاء

 

عن أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الحديث في أوقات الصلوات الخمس، وفي آخره:

وَكَانَ-أي: النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا، وَالحَدِيثَ بَعْدَهَا.

أخرجه البخاري(1719)، ومسلم (647).

 

أي: يكره النوم  قبل صلاة العشاء، ويكره الحديث بعدها.

 

هذا الحديث  يستفاد منه:

كراهة السمر بعد صلاة العشاء لغير فائدة، وهذا نقل الإمام النووي الاتفاق على كراهته.

 

وفي هذا المعنى:

 

 عن عروة بن الزبير يَقُولُ: سَمِعَتْ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا كَلَامِي بَعْدَ الْعِشَاءِ الَّتِي تُسَمِّيهَا الْأَعْرَابُ الْعَتَمَةَ. قَالَ: وَكُنَّا فِي حُجْرَةٍ بينها وَبَيْنَهَا سَعَفٌ. فَقَالَتْ: يَا عُرَيَّةُ أَوْ يَا عُرْوَةُ مَا هَذَا السَّمَرُ؟ إِنِّي مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَائِمًا قَبْلَ هَذِهِ الصَّلَاةِ وَلَا مُتَحَدِّثًا بَعْدَهَا، إِمَّا نَائِمًا فَيَسْلَمُ وَإِمَّا مُصَلِّيًا فَيَغْنَمُ. رواه ابن أبي عمر كما في «المطالب العالية» (3/ 244).

 

 (إِمَّا نَائِمًا فَيَسْلَمُ) يسلم من الشر.

 

(وَإِمَّا مُصَلِّيًا فَيَغْنَمُ) يصلي صلاة الليل فيحصل على غنيمة وسعادة وخير.

 

وكراهة السمر إذا كان في غير فائدة ولا مصلحة، أو في محرَّم، الله عَزَّ وَجَل يقول في ذم كفار قريش: ﴿مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ﴾ [المؤمنون: 67].

 أما إذا كان في علم أو في مؤانسة الأهل أو محادثة الضيف ونحو ذلك فهذا لا كراهة فيه، وقد بوب الإمام البخاري (بَابُ السَّمَرِ فِي العِلْمِ)، وبوب أيضًا (بَابُ السَّمَرِ فِي الفِقْهِ وَالخَيْرِ بَعْدَ العِشَاءِ).

وفيه من الأدلة:

حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، فَتَحَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَهْلِهِ سَاعَةً، ثُمَّ رَقَدَ، فَلَمَّا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، قَعَدَ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ﴾ [آل عمران: 190]، ثُمَّ قَامَ فَتَوَضَّأَ وَاسْتَنَّ فَصَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ. رواه البخاري (4569)، ومسلم (763).

 

قال النووي في «شرح صحيح مسلم» (5/ 146): قال العلماء: سبب كراهية النوم قبلها أنه يعرضها لفوات وقتها؛ باستغراق النوم، أو لفوات وقتها المختار والأفضل؛ ولئلا يتساهل الناس في ذلك، فيناموا عن صلاتها جماعة.

وسبب كراهة الحديث بعدها أنه يؤدي إلى السهر، ويخاف منه غلبة النوم عن قيام الليل، أو الذكر فيه، أو عند صلاة الصبح في وقتها الجائز، أو في وقتها المختار أو الأفضل؛ ولأن السهر في الليل سبب للكسل في النهار عما يتوجه من حقوق الدِّين، والطاعات، ومصالح الدنيا.

قال العلماء: والمكروه من الحديث بعد العشاء هو ما كان في الأمور التي لا مصلحة فيها، أما ما فيه مصلحة وخير فلا كراهة فيه، وذلك كمدارسة العلم، وحكايات الصالحين، ومحادثة الضيف والعروس؛ للتأنيس، ومحادثة الرجل أهله وأولاده للملاطفة والحاجة، ومحادثة المسافرين بحفظ متاعهم أو أنفسهم، والحديث في الإصلاح بين الناس، والشفاعة إليهم في خير، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والإرشاد إلى مصلحة، ونحو ذلك، فكل هذا لا كراهة فيه.

قال: ثم كراهة الحديث بعد العشاء المراد بها بعد صلاة العشاء لا بعد دخول وقتها.

قال: واتفق العلماء على كراهة الحديث بعدها إلا ما كان في خير، كما ذكرناه. اهـ المراد.

[مقتطف من الدرس 41 من دروس بلوغ المرام لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]

 

(49)الآداب

 

                                 من أدلة الزهد في الدنيا

 

عن أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الحديث في أوقات الصلوات الخمس، وفي آخره:

وَكَانَ-أي: النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ العِشَاءَ، الَّتِي تَدْعُونَهَا العَتَمَةَ، وَكَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا، وَالحَدِيثَ بَعْدَهَا، وَكَانَ يَنْفَتِلُ مِنْ صَلَاةِ الغَدَاةِ حِينَ يَعْرِفُ الرَّجُلُ جَلِيسَهُ، وَيَقْرَأُ بِالسِّتِّينَ إِلَى المِائَةِ.

أخرجه البخاري(1719)، ومسلم (647).

 

هذا الحديث فيه من الفوائد:

 

ما كانوا فيه من ضيق الحال وشظف المعيشة؛ فلم يكن عندهم مصابيح في المساجد؛ ولهذا يقول أبو برزة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَكَانَ يَنْفَتِلُ مِنْ صَلَاةِ الغَدَاةِ حِينَ يَعْرِفُ الرَّجُلُ جَلِيسَه.

 ولم يكن عندهم أيضًا في البيوت مصابيح، كما قالت عائشة بنت أبي بكر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجْلايَ فِي قِبْلَتِهِ، فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي، فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ، فَإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا»، قَالَتْ: وَالبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ. رواه البخاري (513)، ومسلم (512).

وهذا اعتذار منها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا حيث تضطر النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ إلى أن ينبهها على رفع رجلها.

« وَالبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ» أي: وقتئذٍ، في حياة النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.

قال ابن عبد البر في «الاستذكار»(2/85): فيه دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا إِذْ حَدَّثَتْ بِهَذَا الْحَدِيثِ كَانَتْ بُيُوتُهُمْ فِيهَا الْمَصَابِيحُ؛ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَتَحَ عَلَيْهِمْ مِنَ الدُّنْيَا بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فَوَسَّعُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ؛ إِذْ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ.

قال: وَقَوْلُهَا: يَوْمَئِذٍ، تُرِيدُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّا لَوْ جَعَلْنَا الْيَوْمَ هُنَا النَّهَارَ عَلَى الْمَعْهُودِ-وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّهَارَ لَيْسَ بِوَقْتٍ لِلْمَصَابِيحِ- اسْتَحَالَ ذَلِكَ، فَعَلِمْنَا أنها أرادت بقولها: يومئذ أَيْ: حِينَئِذٍ.

وهَذَا مَشْهُورٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ كَانَتْ تُعَبِّرُ بِالْيَوْمِ عَنِ الْحِينِ وَالْوَقْتِ، وَهَذَا أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ فِيهِ إِلَى الِاسْتِشْهَادِ. اهـ.

 

 وهذا فيه ما كانوا عليه من الزهد، والإقبال على الآخرة، وعدم الالتفات إلى الدنيا.

[مقتطف من الدرس 41 من دروس بلوغ المرام لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]