إذا
طلق امرأته قبل أن يجامعها، لكنه أغلق
الغرفة، وخلا بها وكشف الستر، فهل عليها عدة؟
جـ: في هذا الحال عليها عدة وإن لم يجامعها؛ لأنه قد حصل
مس، يقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ
تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا
فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (3)﴾[الأحزاب].
[كتبته وقيدته من
دروس والدي رَحِمَهُ الله]
قلت: وقد ذهب إلى هذا جمهور أهل العلم.
قال ابن قدامة في «المغني» مسألة (6303): لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ
فِي وُجُوبِ العدَّة عَلَى الْمُطَلَّقَةِ بَعْدَ الْمَسِيسِ.
فَأَمَّا إنْ خَلَا بِهَا وَلَمْ يُصِبْهَا،
ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَإِنَّ مَذْهَبَ أَحْمَدَ وُجُوبُ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا.
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَزَيْدٍ، وَابْنِ عُمَرَ.
وَبِهِ قَالَ عُرْوَةُ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَعَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ،
وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ،
وَالشَّافِعِيُّ فِي قَدِيمِ قَوْلَيْهِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ
فِي الْجَدِيدِ: لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا؛ لقَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ
قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ
تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49] وَهَذَا نَصٌّ، وَلِأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ لَمْ تُمَسَّ،
فَأَشْبَهَتْ مَنْ لَمْ يُخْلَ بِهَا...
وفي «الموسوعة الفقهية الكويتية»(22/107):
فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْل الدُّخُول وَأَرَادَ مُرَاجَعَتَهَا فَلَيْسَ لَهُ
الْحَقُّ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا بِالاِتِّفَاقِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا
نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ
فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ
وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (3)﴾[الأحزاب].
إِلَّا أَنَّ الْحَنَابِلَةَ اعْتَبَرُوا
الْخَلْوَةَ الصَّحِيحَةَ فِي حُكْمِ الدُّخُول مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ الرَّجْعَةِ؛
لأِنَّ الْخَلْوَةَ تُرَتِّبُ أَحْكَامًا مِثْل أَحْكَامِ الدُّخُول، أَمَّا
الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْمَذْهَبِ فَلا بُدَّ
عِنْدَهُمْ مِنَ الدُّخُول لِصِحَّةِ الرَّجْعَةِ، وَلاَ تَكْفِي الْخَلْوَةُ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في « الشرح الممتع»(13/182):
كون المرأة مدخولًا بها، وإذا قيل: مدخولًا بها، أي: قد جامعها زوجها، ثم استدل
رَحِمَهُ الله بآية الأحزاب.
قال: وإذا لم يكن لها عدة، فلا رجعة؛ لأن غير
المدخول بها من حين ما يقول: أنت طالق تطلق، وتبين منه، ولا عدة له عليها.
أو تكون مخلوًّا بها، والخالي هو الزوج، يعني
لا بد أن يكون داخلًا بها أو خاليًا بها؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم قضوا بأن
الخلوة كالدخول.
فلو طلقها قبل الدخول
والخلوة فليس له رجعة؛ لأنه لا يوجد عدة، فسوف تنفصل عنه بانتهاء كلمة الطلاق.
وينظر «
فتاوى نور على الدرب» (22/ 304) للشيخ ابن باز
رَحِمَهُ الله.