قوله رَحِمَهُ اللهُ: (وَالجَرُّ فِي الِاسْمِ الصَّحِيحِ المُنصَرِفْ) أي: الجر بكسرة ظاهرة، وعبارة الجر هي عبارة البصريين، وأما الكوفيون فيقولون: الخفض.
قوله رَحِمَهُ اللهُ: (الِاسْمِ الصَّحِيحِ) الصحيح أخرج المعتل، وهو المنقوص، كـ«القاضي» فتقدر فيه جميع الحركات، والمقصور «كالفتى»، ففي المنقوص تقدر فيه الضمة والكسرة، وتظهر الفتحة لخفتها.
قوله رَحِمَهُ اللهُ: (المُنصَرِفْ) أخرج الذي لا ينصرف، وهو الذي لا يقبل التنوين، فإنه يجر بالفتحة نيابة عن الكسرة.
قوله رَحِمَهُ اللهُ: (هُنَّ إِذَا مَا قِيلَ صِفْ) يعني: إذا سئلت عن حروف الجر فهي هذه الأحرف: (مِن وَإِلَى وَفِي وَحَتَّى وَعَلَى) الخ.
وقد ذكر الحريري رَحِمَهُ اللهُ أربعة عشر حرفًا من حروف الجر، وحروف الجر هي واحد وعشرون حرفًا، ذكرها ابن مالك رَحِمَهُ اللهُ عدا حرفًا واحدًا وهو «لولا»، فقال رَحِمَهُ اللهُ:
هَاكَ حُرُوفَ الْجَرَّ وَهْىَ مِنْ إِلَى |
۞ |
حَتىَّ خَلا حَاشَا عَدَا فِي عَنْ عَلَى |
مُذْ مُنْـــــذُ رُبَّ اللَّامُ كَيْ وَاوٌ وَتَا |
۞ |
وَالكَافُ وَالبَــــــــــاءُ وَلَعَـــــــــــلَّ وَمَتَى |
وحروف الجر على قسمين: ما يجر الظاهر، وما يجر الظاهر والمضمر.
أما ما يجر الظاهر: فهي سبعة أحرف، مجموعة في قول ابن مالك:
بِالظَّاهِرِ اخْصُصْ مُنْذُ مُذْ وَحَتَّى |
♣ |
وَالكَافَ وَالوَاوَ وَرُبَّ وَالتَّا |
وأما ما يجر الظاهر والمضمر: فالباقي.
حروف الجر بحسب وضعها على أربعة أقسام:
مَا وُضِعَ عَلَى حَرفٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ خَمْسَةٌ: «الْبَاءُ، وَاللَّامُ، وَالْكَافُ، وَالْوَاوُ، وَالتَّاءُ».
وَمَا وُضِعَ عَلَى حَرفَينِ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ: «مِن، وَعَن، وَفِي، وَمُذ».
وَمَا وُضِعَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحرُفٍ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ: «إِلَى، وَعَلَى، وَمُنذُ».
وَمَا وُضِعَ عَلَى أَرْبَعَةٍ، وَهُوَ: «حَتَّى» خَاصَّةً.
وقوله: (وَحَتَّى) شرط الجر بـ«حتى»: أنها لا تجر إلا ما كان آخرًا، أو متصلًا بآخِر.
قوله: (وَمُنذُ) وكذا «مذ» من حروف الجر، وشرط الجر بهما: أن تدخل على الزمان الحاضر أو الماضي.
وقوله: (دُونَ مَا مِنهُ غَبَرْ) محتمل أن المراد بـ«غبر» أي: مضى، فعلى هذا لا تدخل على الزمان الماضي، ومحتمل أن المراد ما بقي وهو المستقبل، أي: لا تدخل على الزمان المستقبل.
و«مذ، ومنذ» يكونان حرفين ويكونان اسمين، ولهما ثلاث حالات من حيث الإعراب:
الأول: أن يليهما اسم مجرور فيكونان حرف جر.
الثاني: أن يليهما اسم مرفوع، فهما اسمان على أنهما مبتدآن وما بعدهما خبر، أو أنهما خبر مقدم وما بعدهما مبتدأ، نحو: «ما رأيت مذ يومان».
الحالة الثالثة: أن يليهما جملة فعلية، وفي الحالتَين يكونانِ اسمين.
وقوله: (وَرُبَّ): شروط الجر بـ«ربَّ»:
· أن تكون مصدَّرة.
· أن يكون مجرورها نكرة.
· أن يكون منعوتًا.
· أن يكون عاملها مؤخرًا.
· أن يكون عاملها ماضيًا، فهذه شروط «رب».
وشرط (أن يكون مجرورها نكرة) يفيد أنها لا تجر معرفة، وقد تجر الضمير قليلًا بشرط إفراده وتذكيره وتمييزه بما يطابق المعنى. مثل: «رُبَّه رجلًا، رُبَّه رجلين، رُبَّه رجالًا».
«ورُبَّ» قد تتصل بها «ما» الكافة فالغالب أَن تكفها عَن الْعَمَل، وقد لا تكفها وهذا قليل.
و«رب» تأتي للتقليل والتكثير، ولكنها للتكثير أكثر.
«رب» على قسمين: ظاهرة تكون بعد الواو والفاء وبل. ومضمرة بدونهن.
قال ابن هشام في «مغني اللبيب»(181): وإعمالها محذوفة بعد الْفَاء كثيرًا، وَبعد الْوَاو أَكثر، وَبعد بل قَلِيلًا، وبدونهن أقل.
حُرُوفُ الْقَسَمِ
حروف القسم هي من حروف الجر، ولكن أُفردت؛ لأنها تدل على القسم، وأما بقية حروف الجر فإنها لا تدل على القسم.
حروف القسم ثلاثة: الواو والباء والتاء، والأصل في حروف القسم الباء، فهي الأم؛ ولهذا تجر من غير شروط.
أما الواو والتاء فلهما شروط، فيشترط في الواو والتاء ثلاثة شروط.
-أن الواو والتاء تجران الظاهر، ولا تدخلان على الضمير.
- يجب حذف فعل القسم، فلا يقال: «أقسم والله، أو أقسم تالله».
- لا تستعمل الواو والتاء مع السؤال، فلا يقال: «والله أخبرني، تالله أخبرني».
-وهناك شرط رابع للتاء: أن تدخل على لفظ الجلالة «تالله»، وذكر بعضهم أنها تدخل على «رب» مضافة إلى الكعبة «ترب الكعبة»، وعلى لفظ الرحمن «تالرحمن».