جديد المدونة

جديد الرسائل

الأربعاء، 13 سبتمبر 2023

(59) العلم وفضلُه

 

                     البشارة بتيسير السُّبُل لطالب العلم

 

عن مطر-هو: ابن طهمان الوراق-في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر: 17هل من طالب علم فيُعان عليه؟

وأثر مطر ثابت إليه، وأهل التفسير يذكرون هذا الأثر عند هذه الآية.

وقد أخرجه الْفرْيَابِيّ فِي «تَفْسِيره» كما في «تغليق التعليق» (5/379) للحافظ ابن حجر، وابن أبي حاتم رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في «تفسيره» (10/ص3320).

 

(هَلْ مِنْ طَالِبِ عِلْمٍ فَيُعَانَ عَلَيْهِ) هذا يدل أن الله سُبحَانَهُ ييسر العلم لمن طلب العلم واجتهد في تحصيله، وكما قال تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت: 69فمن طلب العلم أعانه الله، ويسر له الطريق، وأعانه على العمل به والتأدب بآدابه، ويجد بركة تعلمه وثمرته ونمائه، وهذا من بركات العلم النافع.

وقد علق ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ في «إعلام الموقعين»(2/182) على هذا الأثر، وقال: وَلَمْ يَقُلْ: فَتَضِيعُ عَلَيْهِ مَصَالِحُهُ وَتَتَعَطَّلُ مَعَايِشُهُ عَلَيْهِ.

وهذا يدل على أن الذين يقولون: التفرغ للعلم النافع يضيع المستقبل، يدل على أنهم لا يفهمون الحقيقة، وهذا من أعظم المصائب أن تتقلب على العبد الحقائق.

يقول والدي رَحِمَهُ اللهُ في «صوتيات له-خطبة جمعة»: أعظم مصيبة عليك أن تتقلَّبَ عليكَ الحقائق، وأن يُطْبَعَ على قلبِك. اهـ.

تتقلب عليه الحقائق الخير يراه شرًّا، والشر يراه خيرًا، الحق يراه باطلًا، والباطل يراه حقًّا، السنة يراها بدعة، والبدعة سنة، نعوذ بالله من طمس البصيرة.

وتلك المقالة كان يقولها بعض أولياء الذين يطلبون العلم عند الوالد: أن هذا يضيع مستقبله؛ لأنه مثلًا: ما أكمل الدراسة حتى يحصل على شهادة، أو ترك الوظيفة وذهب يطلب علمًا شرعيًّا، يقولون: هذا ضيَّع المستقبل؛ لأن المستقبل عند كثير من الناس الدنيا، وهذا من تقليب الحقائق، المستقبل ما يكون معك في قبرك ومعادك وهو العمل الصالح.

 

هذا الأثر فيه بشارة لطالب العلم أن العلم ميسر.

 نسأل الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أن ييسر لنا سبل العلم حتى نلقاه، ونعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن.