جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 20 فبراير 2023

(13)سلسلة في الطِّبِّ وَالْمَرْضَى

 

أضرار مخالطة الكلاب

لقد ذكر الله عَزَّ وَجَل الكلب في قوله سُبحَانَهُ: ﴿فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ [الأعراف: 176]. ذكره سُبحَانَهُ على سبيل الذم.

 وهذا الحيوان من أخبث وأنجس الحيوانات، روى الإمام مسلم (279) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «طَهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ، أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ».

 وهو من أشد الحيوانات شرهًا وحرصًا؛ همَّته لا تتعدى بطنه.

 حتى إنه من شدة شرهه يمشي وخرطومه يشم به الأرض.

 والروائح الكريهة المنتنة عنده أحب إليه من الروائح الطيبة؛ لهذا كثيرًا ما يشم دبره.

ومن عجائب أمره: أنه إذا وجد إنسانًا هيئته حسنة خضع له، ووضع خرطومه على الأرض، وإذا وجد إنسان رثَّ الهيئة حمل عليه ونبحه؛ لأنه يتصور أنه يزاحمه في قُوْتِه. يراجع كتاب «الأمثال»(27) لابن القيم.

هذا الحيوان الذي يعظِّمه الكفار، ويسكنونه معهم، ربما في أعلى البيت ويشرف من النافذة، وهذا الفعل مع كونه شنيعًا؛ فإن في مخالطة هذا الحيوان أضرارًا صحية، وقد ذكروا في الطب أن عنده دودة يقال لها: دودة الشريطية؛ ولهذا النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أمر بغسل الإناء سبعًا أولاهن بالتراب.

 قال الشيخ البسام في « توضيح الأحكام»(1/137): قال الأستاذ طبارة في كتاب «روح الدِّين الإِسلامي » : ومن حكم الإِسلام لوقاية الأبدان تقريرُهُ بنجاسة الكلب، وهذه معجزةٌ علمية للإسلام سبَقَ بها الطبَّ الحديثَ؛ حيث أثْبَتَ أنَّ الكلاب تنقل كثيرًا من الأمراض إلى الإنسان؛ فإنَّ الكلاب تصاب بدودة شريطية، تتعدَّاها إلى الإنسان وتصيبه بأمراضٍ عُضالٍ، قد تصل إلى حدّ العدوان على حياته، وقد ثبت أنَّ جميع أجناس الكلاب لا تَسْلَمُ من الإصابة بهذه الديدان الشريطية، فيجب إبعادها عن كلِّ ما له صلةٌ من مأكل الإنسان أو مشربه. اهـ.

ومن الأشياء المؤلمة تقليد المسلمين الكفار في إدخال هذا الحيوان الرديء البيوت، وهؤلاء الذين يسكنون هذا الحيوان معهم في بيوتهم حسناتهم إلى النقصان، والواجب أن نكثِّر حسناتنا، وأولئك ينقصون حسناتهم؛ بسبب اقتناء الكلب، روى الإمام مسلم (1575) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا، لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ، وَلَا مَاشِيَةٍ، وَلَا أَرْضٍ، فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ قِيرَاطَانِ كُلَّ يَوْمٍ».

وتمنع دخول الملائكة في البيت، كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة». والله المستعان.

أين أفضل الكلاب أو الكفار؟

الكلاب أفضل، قال الله تَعَالَى: ﴿ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (22) [الأنفال: 22].

قال ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ في «مفتاح دار السعادة»(53): أخبر أن الْجُهَّال شَرّ الدَّوَابّ عِنْده على اخْتِلَاف أصنافها من الْحمير وَالسِّبَاع وَالْكلاب والحشرات وَسَائِر الدَّوَابّ، فالجهال شَرّ مِنْهُم، وَلَيْسَ عَلى دين الرُّسُل أضر من الْجُهَّال، بل أعداؤهم على الْحَقِيقَة. اهـ.

وهناك مؤلف: «فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب» لابن المرزبان.

ذكر فيه مؤلفه وفاء الكلاب مع أصحابها.