جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 5 ديسمبر 2022

(9) اختصار درس الشرح الحثيث

 

النَّوْعُ الثَّامِنُ: الْمَقْطُوعُ  

تعريفه: وَهُوَ الْمَوْقُوفُ عَلَى التَّابِعِينَ قَوْلًا أوَ فِعْلًا، وزاد بعضهم: أو تقريرًا أو صفة.

المقطوع غير المنقطع، المنقطع: ما سقط من سنده راوٍ فأكثر ليس على التوالي.

والمقطوع غير الموقوف، والمقطوع لا يقال له: موقوف إلا بالتقييد، فنقول: موقوف على الحسن، موقوف على قتادة، فلا يُطلق الموقوف على التابعين إلا بالتقييد.

والمقطوع هل هو من قسم الضعيف؟

بحسَبِ سنده.

والمنقطع هل هو من قسم الضعيف؟

من قسم الضعيف؛ للجهل بحال الساقط، وإن عُلِمَتِ الواسطة فيكون من قسم المحتج به، إن كان الساقط ثقة أو صدوقًا.

 ووقع في عبارة الشافعي والطبراني أنهم يطلقون على المنقطع المقطوع، فيسمون منقطع الإسناد مقطوعًا.

قال والدي رَحِمَهُ اللهُ في «السير الحثيث»(92): وهذا اصطلاح خاص بالإمام الشافعي والطبراني رحمهما الله تعالى، ولا مشاحة في الاصطلاح، إذا كان لك اصطلاح خاص، فالذي ينبغي أن تبينه في مقدمة كتابك، وإلا فأنت تعتبر مخطئًا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

المرفوع على قسمين: مرفوع صريح، مثل: قول الصحابي: سمعت أو قال أو عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ومرفوع حكمًا، والمرفوع حكمًا، مثل: «كُنَّا نَفْعَلُ، أَوْ نَقَول كَذَا، أو كنا لا نرى بأسًا بكذا، يرفع الحديث، ينْميه، يبلغ به، روايةً».

ونستفيد من معرفةِ هذا: الترجيح عند التعارض، قال والدي رَحِمَهُ اللهُ في «السير الحثيث» (94): وما فائدة قولهم: هذا مرفوع، وهذا له حكم الرفع؟ فائدته: ما لو تعارض المرفوع وما له حكم الرفع، قُدم المرفوع الصريح؛ فإنه يكون أقوى.

مسألة: إذا قال الصحابي: «كُنَّا نَفْعَلُ، أَوْ نَقَول كَذَا» إن أضافه إلى زمن النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، فهذا لا شك فيه أنه مرفوع، وإن لم يضفه إلى عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، فهذا جمهور أهل العلم على أنه له حكم الرفع، وهذه الطريقة مشى عليها البخاري ومسلم.

من ألفاظ الرفع غير الصريح: قول الصحابي: («أُمِرْنَا بِكَذَا»، أَوْ «نُهِينَا عَنْ كَذَا»)، وهذا قول أكثر أهل العلم أنه من قسم المرفوع حكمًا؛ لأن الآمر والناهي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.

قول الصحابي: «مِن السُّنَّةِ كَذَا» هذا مرفوع حكمًا.

ما السبب في ألفاظ الرفع غير الصريحة؟

يحتمل أن يكون من صنع ذلك صنعه؛ طلبًا للتخفيف وإيثارا للاختصار. أو أنه شك التابعي في الصيغة بعينها.

ويحتمل أيضا أن يكون شك في ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يجزم بلفظ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، بل كنَّى عنه؛ تحرُّزًا.

ــــــــــــــــــــ

مسألة هل تفسير الصحابي له حكم الرفع؟

إذا كان في سبب نزول فله حكم الرفع، وهذا قول ابن الصلاح، أما إذا لم يُذكر سبب النزول فلا يكون له حكم الرفع، وقال بعضهم: إذا كان فيما لا مجال للاجتهاد فيه له حكم الرفع، والذي استفدناه من والدي رَحِمَهُ اللهُ أنه لا يكون هذا له حكم الرفع، الذي له حكم الرفع ما كان في سبب نزول، وفي هذا يقول العراقي رَحِمَهُ اللهُ في «الألفية»:

وَعَدُّ مَا فَسَّرَهُ الصَّحَابيْ

...

رَفْعًا فَمَحْمُوْلٌ عَلَى الأسْبَابِ

فإذا كان مجرد تفسير فلا يكون له حكم الرفع، حتى ولو كان مما لا مجال للاجتهاد فيه.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

مسألة: إذا روى التابعي عن الصحابي، وقال: («يَرْفَعُ الحَدِيثَ»، أَوْ «يَنْمِيهِ»، أَوْ «يَبْلُغُ بِهِ») هذا له حكم المرفع الصريح، وليس المراد أن هذه الألفاظ ألفاظ رفع صريحة، ولكن له حكمُ المرفوعِ الصريح، هذا نقله العراقي عن ابن الصلاحِ، وكذا ذكر الحافظ ابن حجر أن هذا من قبيل المرفوع حكمًا.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

النَّوْعُ التَّاسِعُ: الْمُرْسَلُ

المرسل لغة: اسم مفعول، قال الحافظ ابن حجر رَحِمَهُ اللهُ في «النكت»(2/542): مأخوذ من الإطلاق وعدم المنع، كقوله تعالى: ﴿أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِين﴾[مريم: 82]. فكأن المرسِل أطلق الإسناد.

وقيل: مأخوذ من قولهم: جاء القوم أرسالًا، أي: متفرقين؛ لأن بعض الإسناد منقطع عن بقيته.

وقيل: مأخوذ من قولهم: ناقة رسل، أي سريعة السير، كأن المرسِل للحديث أسرع فيه فحذف بعض إسناده.

والمرسل اصطلاحًا: قول التابعي: قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، سواء كان التابعي صغيرًا أو كبيرًا.

التابعيون على قسمين: كبار مثل: سعيد بن المسيب وعبيد الله بن عدي بن الخيار وسالم بن عبدالله بن عمر، وعلقمة بن قيس، وقيس بن أبي حازم، وكعبدالرحمن بن أبي ليلى وابن أبي مليكة. وسائر المخضرمين يدخلون في كبار التابعين.

أما صغار التابعين، كالزهري، وأبي حازم سلمة بن دينار المدني ويحيى بن سعيد الأنصاري.

- جمهور الفقهاء والأصوليين أنه إذا كان في السند سقط فهو مرسل. وأهل الحديث عندهم المرسل يخصونه بمرسل التابعي، وأهل الفَنِّ أعرف بفنهم.

والبيقوني رَحِمَهُ اللهُ يقول: (وَمُرْسلٌ مِنْهُ الصِّحَابِيُّ سَقَطْ) وهذا انتقد عليه؛ لأنه لو كان الساقط الصحابي فقط لما رُدَّ المرسل، والمرسل من قسم الضعيف، فهذا يفيد أن تعريف البيقوني رَحِمَهُ اللهُ للمرسل غير صحيح، وقد كان والدي رَحِمَهُ الله ينبِّهُ بنحو هذا.

- المرسل في الاحتجاج به أقوال: القول الأول: المرسل من قسم الضعيف، قال الإمام مسلم في مقدمة «صحيحه»: أَنَّ الْمُرْسَلَ فِي أَصْلِ قَوْلِنَا وَقَولِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْأَخْبَارِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ.

القول الثاني: أن المرسل حجة وهو قول مالك وأبي حنيفة ورواية عن الإمام أحمد، والصحيح القول الأول أنه ليس بحجة، كما هو قول جمهور المحدثين.

ولماذا جُعِلَ المرسل من قسم الضعيف؟

 للجهل بحال الساقط؛ إذ يحتمل أن يكون تابعيًّا، وهذا التابعي يحتمل أنه رواه عن تابعي آخر، وأن يكون ثقة وأن يكون غير ثقة.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

حكم مراسيل الصحابة أنها مقبولة؛ لأنهم كلهم عدول، كما قال ربنا سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران: 110].

ويستثنى مرسل الصحابي الصغير غير المميِّز، هذا مرسله مثل مراسيل كبار التابعين، غير أن له شرف الصحبة.

وذهب بعضهم إلى رد مراسيل الصحابة مطلقًا، وحجتهم احتمال تلقيهم عن بعض التابعين، وهذا الاحتمال نادر، فأغلب روايات الصحابة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أو عن الصحابة، أما روايتهم عن التابعين فقليلة جدًّا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مسألة: رأي الإمام الشافعي في مرسل التابعي سواء كان سعيد بن المسيب أو غيره يُقبل بشروط:

أن يكون الذي أرسل من كبار التابعين.

أن يأتي من وجه آخر موصولًا.

أو يأتي من وجه آخر ولو مرسلًا من غير طريق المرسِل الآخر.

أو يوافق المرسَل قول بعض الصحابة.

 أو يكون فتوى أكثر أهل العلم عليه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 مسألة: البيهقي رَحِمَهُ اللهُ يسمي ما رواه التابعي عن رجل من الصحابة مرسلًا، والصحيح أن هذا من قبيل المتصل، فإذا روى التابعي عن رجل من الصحابة، أو قال: عن رجل صلى خلف النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، أو عمن لقي النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فهذا متصل، وهو مبهم. ولا يضر؛ لأن الصحابة كلهم عدول.

أما إذا قال التابعي: عن رجل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من غير أن يصفه بالصحبة أو ما يفيد ذلك، فهذا يحتمل أنه رواه عن تابعي، وأنه عن صحابي.