من آداب الكتابة
الشيخ الوالد: عندك يا أخانا، إذا كتب عبدالله «عبد» في آخر السطر ولفظ الجلالة «الله» في أوله، فماذا؟ يُكره؟
الطالب: نعم، قال: ينبغي له أن يكتبها في سطر واحد.
الشيخ الوالد: في سطر واحد؛ لئلَّا يُقال: الله كذا وكذا، ويظن... ([1])، خيرًا إن شاء الله.
[حكم كتابة« قَاتِلُ» في آخر السطر، و « ابْنِ صَفِيَّةَ فِي النَّارِ» في أول السطر]
وكذا قالوا: « قَاتِلُ ابْنِ صَفِيَّةَ فِي النَّارِ»، ما يفعل «قاتل» في آخر، و« ابْن صَفِيَّةَ فِي النَّارِ»([2]).
وهذا هو حديث، لكنه من قول علي بن أبي طالب، فقال عليٌّ لَمَّا استأذن عليه ابن جرموز ([3]): « قَاتِلُ ابْنِ صَفِيَّةَ فِي النَّارِ» -أي: قاتل الزبير-؛ فإني سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يقول: «إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا، وَحَوَارِيَّ([4]) الزُّبَيْرُ» ([5]).
« قَاتِلُ » يقول: ما تجعل « قَاتِلُ » في آخر السطر، و«ابن صفية»...
وعلى كُلٍّ هذه من التَّحسينات، وإلا فالمعتبر فَهْمُ المعنَى، والسِّيَاق يدل على المعنى.
[المرجع/ تفريغ من مراجعة تدريب الراوي لوالدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله تَعَالَى]
([1]) قال النووي رَحِمَهُ الله في «التقريب والتيسير»(1/502): وَيُكْرَهُ فِي مِثْلِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدِ الرَحْمَنِ ابْنِ فُلَانٍ كِتَابَةُ عَبْدٍ آخَرَ السَّطْرِ، وَاسْمِ اللَّهِ مَعَ ابْنِ فُلَانٍ أَوَّلَ الْآخَرِ.
([3]) ابن جرموز قاتل الزبير بن العوام هو: عمرو بن جرموز، قتل الزبير وقد كان راجعًا يوم الجمل تاركًا لقتال علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. أخرج ابن سعد في «الطبقات» (3/ 81) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَتَى الزُّبَيْرَ فَقَالَ: أَيْنَ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حَيْثُ تُقَاتِلُ بِسَيْفِكِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ قَالَ فَرَجَعَ الزُّبَيْرُ، فَلَقِيَهُ ابْنُ جُرْمُوزٍ فَقَتَلَهُ. فَأَتَى ابْنُ عَبَّاسٍ عَلِيًّا فَقَالَ: إِلَى أَيْنَ قَاتَلُ ابْنِ صَفِيَّةَ؟ قَالَ عَلِيٌّ: إِلَى النَّارِ. وإسناده حسن؛ من أجل هلال بن خباب أحد رواة إسناده فإنه صدوق.
وهذا دليلٌ على اعتراف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بفضل الزبير رضي الله عنهما.
وقد أخرج ابن عساكر في «تاريخ دمشق» ترجمة الزبير، واللالكائي في «أصول اعتقاد أهل السنة» (8/ 1493) والبيهقي في «الاعتقاد» (374) من طريق شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَمِعَ الشَّعْبِيَّ، يَقُولُ: أَدْرَكْتُ خَمْسَمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَكْثَرَ كُلُّهُمْ يَقُولُ: عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ.
وهذا أثرٌ حسن؛ مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: الغداني بضم المعجمة البصري الأشل صدوق يهم.
ورحم الله الذهبي؛ فقد علَّق على هذا الأثر في «سير أعلام النبلاء» (1/ 62 ): وقال: لأَنَّهُم مِنَ العَشْرَةِ المَشْهُوْدِ لَهُم بِالجَنَّةِ، وَمِنَ البَدْرِيِّيْنَ، وَمِنْ أَهْلِ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، وَمِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ الَّذِيْنَ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ رَضِيَ عَنْهُم وَرَضُوْا عَنْهُ؛ وَلأَنَّ الأَرْبَعَةَ قُتِلُوا وَرُزِقُوا الشَّهَادَةَ، فَنَحْنُ مُحِبُّوْنَ لَهُم، بَاغِضُوْنَ لِلأَرْبَعَةِ الَّذِيْنَ قَتَلُوا الأَرْبَعَةَ.
وقد جاء أنه ندم ابن جرموز على قتله لحواري رسول الله.
قال الذهبي رحمه الله في «السير» (1/ 64): أَكَلَ المُعَثَّرُ يَدَيْهِ؛ نَدَمًا عَلَى قَتْلِهِ، وَاسْتَغْفَرَ، لَا كَقَاتِلِ طَلْحَةَ، وَقَاتِلِ عُثْمَانَ، وَقَاتِلِ عَلِيٍّ.