المشاورة لأهل الخِبرة والدِّراية
قال تَعَالَى: ﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾[آل عمران:159].
وأثنى سبحانه على الذين يشاورون، فقال سبحانه: ﴿وَاَلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾.
والمشاورة فيها منافع عظيمة، وفوائد كثيرة، وقد قيل: ما خاب من استخار ولا ندم من استشار.
فمن كان عنده أمر سفر، تجارة، زواج ...يلجأ إلى الله عَزَّ وَجَل ويبادر إلى صلاة الاستخارة؛ إذ الخير فيما اختاره الله سُبحَانَهُ.
وإذا احتاج إلى استشارة يستشير، ﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾.
ومن يستشير فإنه يضم عقلًا آخر إلى عقله، وهذا أقوى من الانفراد.
وهذا من محاسن العلم؛ فإن العلم نور، وما من خير إلا والعلم يرشد إليه، فلولا العلم ما عرفنا أهمية الاستخارة والاستشارة.
لكن المشاورة تكون لأهل الخبرة والمعرفة والدِّراية.
وقد ذكروا في آداب الطالب أن يستشير معلمَه في أمورِه.
وهذا الأدب مرَّ معنا في درس «تدريب الراوي» عند والدي رحمه الله وغفر له فعلَّق وقال: هذا إذا كان المعلم فاهمًا، أما إذا كان لا يعرف أن يتصرَّفَ لنفسه فلا.
وقد وجدت كلامًا للسخاوي في «فتح المغيث» (3/ 288) يفيد هذا المعنى، يقول: وَاسْتَشِرْهُ فِي أُمُورِكَ كُلِّهَا، وَكَيْفِيَّةِ مَا تَعْتَمِدُهُ مِنَ اشْتِغَالِكَ وَمَا تَشْتَغِلُ فِيهِ إِذَا كَانَ عَارِفًا بِذَلِكَ. اهـ.
وينبغي اختيار المستشار؛ لأنه هو الذي يشير بالرشد، فلا يستشير حاقدًا أو حاسدًا، أو ضعيف الرأي، أو منافسًا-لأن الذي ينافس قد لا يصدق في المشورة- أو صاحب هوًى.