الحذر من التفكيرات الرديئة
قال ابن القيم رحمه الله في «إعلام الموقعين»(3/121)في سياق سدِّ الذرائع: الْوَجْهُ الثَّامِنُ وَالسَّبْعُونَ:
أَنَّهُ نَهَى مَنْ رَأَى رُؤْيَا يَكْرَهُهَا أَنْ يَتَحَدَّثَ بِهَا؛ فَإِنَّهُ ذَرِيعَةٌ إلَى انْتِقَالِهَا مِنْ مَرْتَبَةِ الْوُجُودِ اللَّفْظِيِّ إلَى مَرْتَبَةِ الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ، كَمَا انْتَقَلَتْ مِنْ الْوُجُودِ الذِّهْنِيِّ إلَى اللَّفْظِيِّ.
وَهَكَذَا عَامَّةُ الْأُمُورِ تَكُونُ فِي الذِّهْنِ أَوَّلًا، ثُمَّ تَنْتَقِلُ إلَى الذِّكْرِ،
ثُمَّ تَنْتَقِلُ إلَى الْحِسِّ.
وَهَذَا مِنْ أَلْطَفِ سَدِّ الذَّرَائِعِ وَأَنْفَعِهَا.
وَمَنْ تَأَمَّلَ عَامَّةَ الشَّرِّ، رَآهُ مُتَنَقِّلًا فِي دَرَجَاتِ الظُّهُورِ طَبَقًا بَعْد طَبَقٍ، مِنْ الذِّهْنِ إلَى اللَّفْظِ إلَى الْخَارِجِ. اهـ.
فعلينا بالحذر من التفكيرات والوساوس الرديئة؛ لأنَّها ذريعة إلى ما لا يُحْمَدُ، فقد تنتقل من الذهن إلى النطق باللسان، والبلاء موكَّلٌ بالنطق. ثم تنتقل إلى الوجود.
لأنه ساءَ ظنُّه بأكرم الأكرمين.
ساء ظنه بمن بيده خزائن السماوات والأرض.
ساء ظنه بمن إذا أرد شيئًا قال له كن فيكون، لا ممسك لرحمته، وما يمسك فلا مرسل له من بعده.
فمثلًا يفكِّر إذا دعا أنه لا يستجابُ دعاؤه.
يُفَكِّر أنَّ مستقبلَه سيء.
يفكِّر أن الله لا يتقبَّل منه عمله.
يُفَكِّر أنّه سيُبْتَلَى في دينه، في بدنه،في ماله، في أولاده..
يفَكِّر أنه لا يثبتُ أمام الفتن لو واجهته.
يفكِّر أنَّه إذا أنفق وبذَلَ وأطعم يفقَرُ ولن يخلِف الله عليه.
هذه التفكيرات، من حديث النفس، ومن تلاعب الشيطان ووساوسه، وقد تتحوَّل إلى الكلام، ثم إلى تحقق الشي إلا أن يتدارك الله مَن شاء برحمته.