حكم إمامة الأعمى البصيرَ
قد استخلف النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ ابن أم مكتوم يؤمهم وهو أعمى، وكذلك أمَّ جابر بن عبدالله وهو أعمى وكذا ابن عباس، قال ابن المنذر رَحِمَهُ اللهُ في «الأوسط»(4/174): وَإِبَاحَةُ إِمَامَةِ الْأَعْمَى كَالْإِجْمَاعِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَمَّهُمْ وَهُوَ أَعْمَى، وَلَيْسَ فِي قَوْلِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: وَمَا حَاجَتُهُمْ إِلَيْهِ، نَهْيٌّ عَنْ إِمَامَةِ الْأَعْمَى فَيَكُونُ اخْتِلَافًا.
وقال النووي رَحِمَهُ اللهُ في « شرح صحيح مسلم»(8/171) عن جَوَاز إِمَامَةِ الْأَعْمَى الْبُصَرَاءَ: لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ، لَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِ. ثم ذكر ثلاثة أقوال، الصحيح منها أنهما متساويان؛ لقول النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا، وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ» رواه مسلم (673) عن أبي مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.