حُكْمُ الاقتصار في رَدِّ السَّلام على: وعليكم
سمعتُ والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله مرةً واحدة يردُّ على بعض أهله: وعليكم.
فأنكرنا ذلكَ؛ لأن هذا خلاف المعهود، لكنه استدل بحديث عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الآتي على الجواز:
عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ مِنَ أَجْلَفِ النَّاسِ وَأَشَدِّهِمْ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: وَعَلَيْكُمُ.
قلت: الحديث رواه البخاري في «الأدب المفرد» (1032)، والحديث صحيح. كما في «الصحيح المسند» (784).
وهذا الحديث: فيه الاقتصار في الرَّدِّ على: وعليكم، وهذا للجواز وفي حالةٍ نادرة، فأكثر الأدلة جاءت في الرد بذكر السلام.
قال النووي رَحِمَهُ الله في «الأذكار»(245): واتفق أصحابنا على أنه لو قال في الجواب: عليكم، لم يكن جوابًا، فلو قال: وعليكم بالواو، فهل يكون جوابًا؟ فيه وجهان لأصحابنا.
وقد نقل ابن مفلح رَحِمَهُ الله في « الآداب الشرعية»(1/341) عن شيخ الإسلام أنه أجازه، وقال: قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: فَإِنْ اقْتَصَرَ الرَّادُّ عَلَى لَفْظِ «وَعَلَيْكَ» كَمَا رَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْأَعْرَابِيِّ؛ فَإِنَّ الْمُضْمَرَ كَالْمُظْهَرِ.
وقال ابن مفلح رَحِمَهُ الله عن الحنابلة: وَأَصْحَابُنَا تَصْرِيحًا وَتَعْرِيضًا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ.