أحسن الله إليكم هذه سائلة تقول: نجتهد في بداية رمضان كل عام وما إن تمضي أيام منه إلَّا وينتابنا الكسل والفتور فهل هناك علاج لذلك أو أعمال نقوم بها حتى نتدارك هذا الشهر المبارك ؟
هناكَ أسباب ترفع الهمَّة في رمضان، والمحافظة على نفائس ساعاته وأيامه القليلة، كما قال ربنا سبحانه: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 184]، منها:
تذكُّرُ فضائل هذا الشهر المبارك وأنَّه موهبةٌ من الله، أكرمنَا ربُّنا بِهِ، ويسَّر لنا طرقَ الخير فيه أكثر من بقية السنة، فالشياطين موثَقَةٌ بالسلاسل، والنفوس مقبِلَةٌ على الخير وطريق الجنة.
تذكُّر فضل صيامه، عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ تعالى عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَ اللهُ بينه وبين النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» متفق عليه.
وإذا كان هذا في صيام النافة فكيف بصيام الفريضة! فإن القيام بالفرض أعظم عند الله من القيام بالنافلة، كما في الحديث القُدسي: «وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ مما افترضته عليه».
وفضل قيام رمضان، كما روى البخاري (37)، ومسلم (759) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
وفضل العبادة فيه، فهو شهر الجود والإحسان والمسابقة، روى البخاري (6)، ومسلم (2308) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ».
وتذكُّر أن آخر شهر رمضان أفضل من أوله، وهذا يحفزنا وينشطنا على الطاعة والمجاهدة.
ويتذكر المؤمن والمؤمنة أن شهر رمضان فرصة العُمْر، والله أعلم من يدرك شهر رمضان القادم.
وأنَّ مَنْ ترك أو نقص عن الشيء الذي اعتاده في رمضان أنه سلَكَ طريقًا لا يحبها الله، تقول عَائِشَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى اللهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ» رواه مسلم (2818).
وأنَّ من لم يجتهد لا بدَّ أن يتحسر ويندم حيث لا ينفعه الندم.
فاستعيني بالله، واكثري من الذكر والدعاء فذلك عون على القوة والنشاط.
وجالسي النشيطات مِنْ أهل العبادة، ولا تجالسي الغافلات اللائي لا هَمَّ لهُنَّ إلا سفاسف الأمور، ولا يعرفْنَ قيمةَ الوقتِ.
اللهم وفِّقْنا لاستغلال هذا الشهر المبارك، اللهم هيِّئ لنا من أمرِنا رشدَا.