جديد المدونة

جديد الرسائل

الأحد، 3 أبريل 2022

(19)مواعظ رمضان

  من الأشياء التي تكون سببًا لنقص أجر الصائم

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: اعْتَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ، فَسَمِعَهُمْ يَجْهَرُونَ بِالْقِرَاءَةِ، فَكَشَفَ السِّتْرَ، وَقَالَ: «أَلَا إِنَّ كُلَّكُمْ مُنَاجٍ رَبَّهُ، فَلَا يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَلَا يَرْفَعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ»، أَوْ قَالَ: «فِي الصَّلَاةِ» رواه أبو داود(1332). الحديث صححه والدي رحمه الله في «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين»( 419).

في هذا الحديث: عدم رفع الصوت بالقرآن والذكر إذا كان يؤذي ويشوِّش على الآخرين، من مصلٍّ ،أو تالٍ للقرآن، أو ذاكرٍ لله..

فإذا كان غيرك يصلي، أويقرأ، أو يذكر الله.. فلا ترفع صوتك حتى لا تشوِّشَ عليه وتشغله عما هو فيه.

قال ابن عبد البر في «التمهيد»(23/319):إِذَا لَمْ يَجُزْ لِلتَّالِي الْمُصَلِّي رَفْعُ صَوْتِهِ؛ لِئَلَّا يُغَلِّطَ وَيُخَلِّطَ عَلَى مُصَلٍّ إِلَى جَنْبِهِ، فَالْحَدِيثُ فِي الْمَسْجِدِ مِمَّا يُخَلِّطُ عَلَى الْمُصَلِّي أَوْلَى بِذَلِكَ وَأَلْزَمُ وَأَمْنَعُ وَأَحْرَمُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

 وَإِذَا نُهِيَ الْمُسْلِمُ عَنْ أَذَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ فِي عَمَلِ الْبِرِّ وَتِلَاوَةِ الْكِتَابِ فَأَذَاهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ أَشَدُّ تَحْرِيمًا، وَقَدْ نَظَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَر إِلَى الْكَعْبَةِ فَقَالَ: وَاللَّهِ إن لك لحرمة، ولكن المؤمن عِنْدَ اللَّهِ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنْكِ حَرُمَ مِنْهُ عِرْضُهُ وَدَمُهُ وَمَالُهُ وَأَنْ لَا يُظَنَّ بِهِ إِلَّا خَيْرٌ.

وَحَسْبُكَ بِالنَّهْيِ عَنْ أَذَى الْمُسْلِمِ فِي الْمَعْنَى الْوَارِدِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَكَيْفَ بِمَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.اهـ

وأثر ابن عمر في نظره إلى الكعبة  رواه الترمذي (2032)مختصرًا ،وهو في «الصحيح المسند»  (725) لوالدي رحمه الله في آخر حديثٍ مرفوع.

وأحقُّ من يعرف هذا الحكمَ الصائمُ حتى لا يقعَ في الأذى فينقص أجرُ صيامه، وهو لا يشعر.

هذا الحديث يدل على: احترام المسلم لأخيه المسلم ومراعاة مشاعره والبُعد عن أذاه ولو بأدنى شيء.

ولنتأمَّلْ عبارةَ ابن عبد البر السابقة: وَإِذَا نُهِيَ الْمُسْلِمُ عَنْ أَذَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ فِي عَمَلِ الْبِرِّ وَتِلَاوَةِ الْكِتَابِ فَأَذَاهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ أَشَدُّ تَحْرِيمًا.اهـ

فما أعظم محاسنَ الإسلامِ، نسأل الله أن يرد المسلمين إليه ردًّا جميلًا.