النية في الصوم
النية، فلا بد من النية، يقول النّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» رواه البخاري (1)، ومسلم (1907) عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وهناك حديث عَنْ حَفْصَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ، فَلَا صِيَامَ لَهُ» رواه النسائي في «سننه» (2331)، ولكنه حديث مختلف فيه، وقد كان والدي رَحِمَهُ اللهُ يضعفه، وهو يدل على هذا المعنى بأن الصائم ينوي من الليل ولو قبل طلوع الفجر بأنه سيصوم غدًا حتى يصح له صومه.
وقد اختلف أهل العلم هل يلزم النية في كل ليلة من شهر رمضان أو يكفي نية واحدة من بداية الشهر؟ فجمهور أهل العلم على أنه لا بد من نية في كل ليلة، قالوا: لأن الصيام عبادة مستقلة، فلو فسد يوم من الأيام لما فسد صيام اليوم الذي قبله، هذا قول الجمهور.
قال ابن قدامة رَحِمَهُ الله في «المغني» (3/111) محتجًّا لذلك: لِأَنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ عِبَادَاتٌ لَا يَفْسُدُ بَعْضُهَا بِفَسَادِ بَعْضٍ، وَيَتَخَلَّلُهَا مَا يُنَافِيهَا، فَأَشْبَهَتْ الْقَضَاءَ، وَبِهَذَا فَارَقَتْ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ.
وقال الشوكاني رَحِمَهُ الله في «نيل الأوطار» (4/233): الظَّاهِرُ وُجُوبُ تَجْدِيدِهَا لِكُلِّ يَوْمٍ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ مُسْقِطَةٌ لِفَرْضِ وَقْتِهَا. اهـ.
وهذا قول والدي الشيخ مقبل رحمه الله أنه لا بد من نية لكلِّ يوم.
الإمام مالك رَحِمَهُ اللهُ يرى أنه يكفي نية واحدة في بداية الشهر ما لم يقطع صيامه لعذر من الأعذار، كمن سافر أو المرأة إذا حاضت، فمن أنشأ الصيام بعد ذلك فعليه أن يعيد النية.
وتظهر الفائدة من هذا الخلاف في صُورٍ منها:
من نام قبل غروب الشمس في أثناء شهر رمضان ولم يستيقظ إلا بعد طلوع الفجر، فجمهور أهل العلم يرون أن الصيام لا يجزئه، وأما الإمام مالك رَحِمَهُ اللهُ فيرى أن الصيام صحيح.