صورة من معاملة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأهله
وتدلُّل عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
عن عائشة أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا لَيْلًا، قَالَتْ: فَغِرْتُ عَلَيْهِ، فَجَاءَ فَرَأَى مَا أَصْنَعُ، فَقَالَ: «مَا لَكِ؟ يَا عَائِشَةُ أَغِرْتِ؟» فَقُلْتُ: وَمَا لِي لَا يَغَارُ مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ» قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ أَوْ مَعِيَ شَيْطَانٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قُلْتُ: وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قُلْتُ: وَمَعَكَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «نَعَمْ، وَلَكِنْ رَبِّي أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ» رواه مسلم (2815).
وقول أم المؤمنين عائشة: فغرت عليه: بِكَسْرٍ أَيْ: فَجَاءَتْنِي الْغَيْرَةُ عَلَى خُرُوجِهِ مِنْ عِنْدِي، فَاضْطَرَبَ أَفْعَالِي وَتَغَيَّرَ أَحْوَالِي.
وَمَا لِي لَا يَغَارُ مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ؟ أَيْ: كَيْفَ لَا يَغَارُ مَنْ هُوَ عَلَى صِفَتِي مِنَ الْمَحَبَّةِ، وَلَهَا ضَرَائِرٌ عَلَى مَنْ هُوَ عَلَى صِفَتِكَ مِنَ النُّبُوَّةِ وَالْمَنْزِلَةِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ خَرَجَ فِي مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ مِنْ عِنْدِهَا. قاله القاري في «مرقاة المفاتيح»(5/2174).
وفيه من الفوائد:
غيرة المرأة وأنها تحصل من فُضْلَيَات النساء.
أنه بسبب الغيرة قد تتوهَّمُ المرأة أشياء على خلاف الواقع.
أن سبب هذه الغيرة تسلُّطُ الشيطان.
والغيرة: قَالَ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ: هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ تَغَيُّرِ الْقَلْبِ وَهَيَجَانِ الْغَضَبِ؛ بِسَبَبِ الْمُشَارَكَةِ فِيمَا بِهِ الِاخْتِصَاصُ، وَأَشَدُّ مَا يَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ. « فتح الباري»(9/320) لابن حجر.
ونستفيد أيضًا:
حُسْن استفسار عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وإصغاءُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاستفسارِها، واهتمامه بالجواب عن أسئلتِها.
هذا الحديث من الأدلة في الاهتمام بتعليم الأهل أمور الدين.
الحذر من نزغات الشيطان وشركه ومكره وعداوته.