من مناقب أمِّ المؤمنين أم سلمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
عن أم سلمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ، فَجَعَلَ يَتَحَدَّثُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمِّ سَلَمَةَ: مَنْ هَذَا؟، قَالَتْ: هَذَا دِحْيَةُ. فَلَمَّا قَامَ، قَالَتْ: وَاللهِ! مَا حَسِبْتُهُ إِلَّا إِيَّاهُ، حَتَّى سَمِعْتُ خُطْبَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرُ خَبَرَ جِبْرِيلَ.
أَخرَجَهُ البخاري (4980)، ومُسلِمٌ (2451).
قال النووي في شرح هذا الحديث:
-فِيهِ مَنْقَبَةٌ لِأُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.
-وَفِيهِ جَوَازُ رُؤْيَةِ الْبَشَرِ الْمَلَائِكَةَ وَوُقُوعِ ذَلِكَ وَيَرَوْنَهُمْ عَلَى صُورَةِ الْآدَمِيِّينَ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى رُؤْيَتِهِمْ عَلَى صُوَرِهِمْ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرَى جِبْرِيلَ عَلَى صُورَةِ دِحْيَةَ غَالِبًا، وَرَآهُ مَرَّتَيْنِ عَلَى صُورَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ.
قال ابن القيم في «جلاء الأفهام»(253): من خصائصها أَن جِبْرِيل دخل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي عِنْده، فرأته فِي صُورَة دحْيَة الْكَلْبِيّ. اهـ.
قال ابن التين عن مجيء جبريل عليه الصلاة والسلام: وإتيانه إما أن يكون من وراء حجاب، أو قبل نزول الحجاب. نقله عنه ابن الملقن في « شرح صحيح البخاري»(20/214).
وقد ترجم الذهبي رحمه الله لأم سلمة في «سير أعلام النبلاء»، وقال: السَّيِّدَةُ، المُحَجَّبَةُ، الطَّاهِرَةُ، هِنْدُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ بنِ المُغِيْرَةِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ مَخْزُوْم بنِ يَقَظَةَ بنِ مُرَّةَ المَخْزُوْمِيَّةُ، بِنْتُ عَمِّ خَالِدِ بنِ الوَلِيْدِ سَيْفِ اللهِ وَبِنْتُ عَمِّ أَبِي جَهْلٍ بنِ هِشَامٍ.
مِنْ المُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ.
كَانَتْ قَبْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ أَخِيْهِ مِنَ الرَّضَاعَةِ أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الأَسَدِ المَخْزُوْمِيِّ، الرَّجُلِ الصَّالِحِ.
دَخَلَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ مِنَ الهِجْرَةِ.
وَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ وَأَشْرَفِهِنَّ نَسَبًا، وَكَانَتْ آخِرَ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ.
عُمِّرَتْ حَتَّى بَلَغَهَا مَقْتَلُ الحُسَيْنِ الشَّهِيْدِ، فَوَجَمَتْ لِذَلِكَ، وَغُشِيَ عَلَيْهَا، وَحَزِنَتْ عَلَيْهِ كَثِيْرًا، لَمْ تَلْبَثْ بَعْدَهُ إِلاَّ يَسِيْرًا، وَانْتَقَلَتْ إِلَى اللهِ.
وَلَهَا أَوْلَادٌ صَحَابِيُّوْنَ: عُمَرُ، وَسَلَمَةُ، وَزَيْنَبُ. عَاشَتْ نَحْوًا مِنْ تِسْعِيْنَ سَنَةً. وَكَانَتْ تُعَدُّ مِنْ فُقَهَاءِ الصَّحَابِيَّاتِ.