جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 28 ديسمبر 2021

(11) سلسلة النساء الفقيهات

 

مِنْ فِقْهِ أُمِّ سُلَيْمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ بَيْتَ أُمِّ سُلَيْمٍ فَيَنَامُ عَلَى فِرَاشِهَا، وَلَيْسَتْ فِيهِ، قَالَ: فَجَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ فَنَامَ عَلَى فِرَاشِهَا، فَأُتِيَتْ فَقِيلَ لَهَا: هَذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَامَ فِي بَيْتِكِ، عَلَى فِرَاشِكِ، قَالَ: فَجَاءَتْ وَقَدْ عَرِقَ، وَاسْتَنْقَعَ عَرَقُهُ عَلَى قِطْعَةِ أَدِيمٍ، عَلَى الْفِرَاشِ، فَفَتَحَتْ عَتِيدَتَهَا فَجَعَلَتْ تُنَشِّفُ ذَلِكَ الْعَرَقَ فَتَعْصِرُهُ فِي قَوَارِيرِهَا، فَفَزِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا تَصْنَعِينَ؟ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ» فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ نَرْجُو بَرَكَتَهُ لِصِبْيَانِنَا، قَالَ: «أَصَبْتِ». رواه مسلم(2331).

وفي رواية لمسلم: فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا هَذَا الَّذِي تَصْنَعِينَ؟» قَالَتْ: هَذَا عَرَقُكَ نَجْعَلُهُ فِي طِيبِنَا، وَهُوَ مِنْ أَطْيَبِ الطِّيبِ.

في هذا الحديث:

1-وفور فقه أم سليم وغزارة علمِها، وهذا من أوجهٍ:

-شدة محبتها للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

-حرصها الشديد  على الخير.

 -أنه يستحب التبرك بآثار النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

- أخذُهَا للعرق من غير استئذان؛ لعلمِها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يمنع من ذلك.

 -مبادرتُها إلى حفظه في قارورة؛ للتطيب ورجاء بركتِه.

قال الحافظ في « فتح الباري»: يُسْتَفَادُ مِنْ هَذِا اطِّلَاعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فِعْلِ أُمِّ سُلَيْمٍ وَتَصْوِيبُهُ، وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ قَوْلِهَا: إِنَّهَا كَانَتْ تَجْمَعُهُ لِأَجْلِ طِيبِهِ، وَبَيْنَ قَوْلِهَا: لِلْبَرَكَةِ، بَلْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ تَفْعَلُ ذَلِكَ لِلْأَمْرَيْنِ مَعًا.

ومن فوائد الحديث أيضًا:

2-قَالَ الْمُهَلَّبُ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ: مَشْرُوعِيَّةُ الْقَائِلَةِ لِلْكَبِيرِ فِي بُيُوتِ مَعَارِفِهِ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ ثُبُوتِ الْمَوَدَّةِ وَتَأَكُّدِ الْمَحَبَّةِ.

3- قَالَ: وَفِيهِ طَهَارَةُ شَعْرِ الْآدَمِيِّ وَعَرَقِهِ. نقله عنه الحافظ في « فتح الباري».

ونستفيد منه:

4-كثرة عرقِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

5-طيبُ عَرَقِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.