جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 9 نوفمبر 2021

(37)الحديثُ وعلومُه

 

الأحاديث القدسية

هي: الأحاديث التي يرويها النّبِيّ صلى الله عليه وسلم عن ربه سبحانه وتعالى.

 والأحاديث القدسية سمعها النبي صلى الله عليه وسلم من ربه لفظًا ومعنًى، وهذا ما صرح به الزرقاني-وهو غير شارح «موطأ مالك»-في «مناهل العرفان»(1/51وقال: وصفوة القول في هذا المقام أن القرآن أوحيت ألفاظه من الله اتفاقًا، وأن الحديث القدسي أوحيت ألفاظه من الله على المشهور، والحديث النبوي أوحيت معانيه-في غير ما اجتهد فيه الرسولوالألفاظ من الرسول صلى الله عليه وسلم. اهـ.

وصرَّح بهذا الشيخ ابن باز رحمه الله في «التعليقات البازية»(3/474وقال: الحديث القدسي لفظه ومعناه كله من الله.

 وقال أيضًا رحمه الله في «مجموع الفتاوى»(25/60): الأحاديث القدسية التي يرويها الرسول عن ربه عز وجل، هي وحي من الله ومن كلامه سبحانه، ولكن ليس لها حكم القرآن. اهـ.

وخالف الشيخ ابن عثيمين في «مجموع الفتاوى»(9/69وقال: وقد اختلف العلماء رحمهم الله في لفظ الحديث القدسي: هل هو كلام الله تعالى، أو أن الله تعالى أوحى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم معناه واللفظ لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

على قولين:

القول الأول: أن الحديث القدسي من عند الله لفظه ومعناه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أضافه إلى الله تعالى، ومن المعلوم أن الأصل في القول المضاف أن يكون بلفظ قائله لا ناقله، لا سيما والنبي صلى الله عليه وسلم أقوى الناس أمانة وأوثقهم رواية.

القول الثاني: أن الحديث القدسي معناه من عند الله ولفظه لفظ النبي صلى الله عليه وسلم.

ثم رجح رحمه الله هذا القول الثاني، وختمه بقوله: ثم لو قيل في مسألتنا الكلام في الحديث القدسي: إن الأولى ترك الخوض في هذا؛ خوفًا من أن يكون من التنطع الهالك فاعله، والاقتصار على القول بأن الحديث القدسي ما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه وكفى؛ لكان ذلك كافيًا، ولعله أسلم والله أعلم. اهـ.

والسنة كلها وحي من عند الله، ويدل لذلك  قوله تعالى: ﴿إنَّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر: 9والذكر يشمل القرآن والسنة.

وروى البخاري (7274ومسلم (152) عَن أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «مَا مِنَ الأَنبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلَّا أُعطِيَ مِنَ الآيَاتِ مَا مِثلُهُ أُومِنَ، أَو آمَنَ، عَلَيهِ البَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحيًا أَوحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ، فَأَرجُو أَنِّي أَكثَرُهُم تَابِعًا يَومَ القِيَامَةِ».

وقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيه وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الكِتَابَ، وَمِثلَهُ مَعَهُ»رواه أبو داود (4604) عَنِ المِقدَامِ بنِ مَعدِي كَرِبَ.

قال الشيخ ابن باز في «مجموع الفتاوى»(25/58): يعني: أن الله أعطاه وحيًا آخر وهو السنة التي تفسر القرآن وتبين معناه، كما قال الله عز وجل: ﴿وَأَنزَلنَا إِلَيكَ الذِّكرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيهِم وَلَعَلَّهُم يَتَفَكَّرُونَ﴾. اهـ.

فالسنة كلها وحي من عند الله، قال تعالى: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إِن هُوَ إِلَّا وَحيٌ يُوحَى﴾[النجم: 3-4].

وهي على قسمين:

˜   أحاديث قدسية وهذه لفظها ومعناها من الله.

وأحاديث نبوية غير قدسية، وهذه لفظها من النبي صلى الله عليه وسلم، ومعناها من الله، وتُنسَبُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فنقول: يقول النبي صلى الله عليه وسلم كذا، وفعل كذا، وأقرَّ كذا.