جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 8 نوفمبر 2021

(37) اختصار درس الفصول من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

 

سماعات النّبِيّ صلى الله عليه وسلم

-سمع صلى الله عليه وسلم من ربه الأحاديث القدسية، كَحَدِيثِ: «إني حرمت الظلم على نفسي فلا تظالموا» رَوَاهُ مُسلِمٌ. وهذا على قولٍ، وقد اختاره الشيخ ابن باز رَحِمَهُ الله أن الأحاديث القدسية لفظها ومعناها من الله كالقرآن.

ومنه ما سمعه صلى الله عليه وسلم من ربه ليلة الإسراء والمعراج، كما يدل له حديث: «فَلَمَّا جَاوَزتُ نَادَانِي مُنَادٍ أَمضَيتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفتُ عَن عِبَادِي». قال الحافظ في «فتح الباري» (3887): هَذَا مِن أَقوَى مَا استُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى كَلَّمَ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم لَيلَةَ الإِسرَاءِ بِغَيرِ وَاسِطَةٍ.

والحافظ ابن كثير رَحِمَهُ الله يبين أن هذا نظير هذه الآية، ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعبُدنِي﴾ ثم قال: فَمِثلُ هَذَا لَا يَقُولُهُ إِلَّا رَبُّ العَالَمِينَ.

 وسمع القرآن من جبريل عليه الصلاة والسلام عن ربه.

وسمع من ملَك الجبال، روى البخاري (3231)، ومسلم (1795) عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهَا الحديث وفيه: أَنَّهُ أَتَاهُ مَلَكُ الجِبَالِ يَومَ قَرنِ الثَّعَالِبِ بِرِسَالَةٍ مِنَ اللهِ تَعَالَى، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ، ذَلِكَ فِيمَا شِئتَ، إِن شِئتَ أَن أُطبِقَ عَلَيهِمُ الأَخشَبَينِ؟».

 وسمع من الملَك الذي بشره بنورين، روى مسلم (806) عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أن جِبرِيل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الأَرضِ لَم يَنزِل قَطُّ إِلَّا اليَومَ، فَسَلَّمَ، وَقَالَ: أَبشِر بِنُورَينِ أُوتِيتَهُمَا لَم يُؤتَهُمَا نَبِيٌّ قَبلَكَ: فَاتِحَةُ الكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ البَقَرَةِ، لَن تَقرَأَ بِحَرفٍ مِنهُمَا إِلَّا أُعطِيتَهُ».

- وسمع من  تميم الداري، كما في الحديث الذي  رواه مسلم (2942) مطولًا أن النّبِيّ صلى الله عليه وسلم جمع الصحابة وقال لهم: «إِنِّي وَاللهِ مَا جَمَعتُكُم لِرَغبَةٍ وَلَا لِرَهبَةٍ، وَلَكِن جَمَعتُكُم، لِأَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ كَانَ رَجُلًا نَصرَانِيًّا، فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسلَمَ، وَحَدَّثَنِي حَدِيثًا وَافَقَ الَّذِي كُنتُ أُحَدِّثُكُم عَن مَسِيحِ الدَّجَّال»، وهذا من رواية الأكابر عن الأصاغر.

- وورد أن النّبِيّ صلى الله عليه وسلم سمع من الحباب بن المنذر لَمَّا نَزَلَ عَلَى أَدنَى مِيَاهِ بَدرٍ فقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِن كُنتَ نَزَلتَ هَذَا المَنزِلَ بِأَمرِ اللهِ فَذَاكَ، وَإِن كُنتَ إِنَّمَا نَزَلتَهُ لِلحَربِ وَالمَكِيدَةِ فَلَيسَ بِمَنزِلٍ. قَالَ: بَل لِلحَربِ وَالمَكِيدَةِ، والقصة ضعيفة، فيها محمد بن السائب الكلبي متروك. قال الشيخ الألباني رَحِمَهُ الله في «السلسلة الضعيفة»(3448): ضعيف على شهرته في كتب «المغازي». اهـ.

- وورد أن النّبِيّ صلى الله عليه وسلم سمع من قس بن ساعدة  أنه قال: أَيُّهَا النَّاسُ اجتَمِعُوا فَاسمَعُوا مَا أَقُولُ وَعُوا، مَن عَاشَ مَاتَ، وَمَن مَاتَ فَاتَ، كُلُّ مَا هُوَ آتٍ آتٍ. الخ.

وقال الحافظ في «الإصابة»(5/414): وطرقه كلها ضعيفة. اهـ.

وذكره الشيخ الألباني في «السلسلة الضعيفة»(5906).

-وَفِي «السُّنَنِ» أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مَرَرتُ لَيلَةَ أُسرِيَ بِي بِمَلَأٍ مِنَ المَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ! مُر أُمَّتَكَ بِالحِجَامَةِ». الحديث فيه عباد بن منصور ضعيف، والحديث ذكره الشيخ الألباني في «الصحيحة»(2263).

-وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ إِلَّا قَالُوا: «مُر أُمَّتَكَ يَستَكثِرُوا مِن غِرَاسِ الجَنَّةِ: سُبحَانَ اللهِ وَالحَمدُ للهِ...» الحَدِيث، وحكم ابن كثير على  هذا والذي قبله بالغرابة، يشير إلى تضعيفِهِما.

 

السماعات من النّبِيّ صلى الله عليه وسلم

 سمع منه الصحابة من بُلدان شتى.

 وسمع منه بعض الجن. قال تَعَالَى: ﴿ وَإِذ صَرَفنَا إِلَيكَ نَفَرًا مِنَ الجِنِّ يَستَمِعُونَ القُرآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوا إِلَى قَومِهِم مُنذِرِينَ (29) [الأحقاف]. الآيات.

وروى الإمام مسلم (450) عَن عَامِرٍ وهو الشعبي، قَالَ: سَأَلتُ عَلقَمَةَ هَل كَانَ ابنُ مَسعُودٍ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيلَةَ الجِنِّ؟ الحديث وفيه: فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَتَانِي دَاعِي الجِنِّ فَذَهَبتُ مَعَهُ فَقَرَأتُ عَلَيهِمُ القُرآنَ» قَالَ: فَانطَلَقَ بِنَا فَأَرَانَا آثَارَهُم وَآثَارَ نِيرَانِهِم وَسَأَلُوهُ الزَّادَ، فَقَالَ: «لَكُم كُلُّ عَظمٍ ذُكِرَ اسمُ اللهِ عَلَيهِ يَقَعُ فِي أَيدِيكُم أَوفَرَ مَا يَكُونُ لَحمًا وَكُلُّ بَعرَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُم». فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «فَلَا تَستَنجُوا بِهِمَا فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخوَانِكُم».

وَجاء  فِي «الغَيلَانِيَّاتِ» خَبَرًا مِن حَدِيثِ رَجُلٍ مِنهُم يُقَالُ لَهُ: عَبدُ اللهِ سَمحَج. والحديث ضعيف جدًّا، فيه عبدالله بن الحسين المصيصي وهو متروك، وفيه منوس امرأة هي مجهولة عين.

وجاء في رواية أنه كان من ضمن الجن الذين استمعوا للنبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له: زوبعة، وهذا في بعض روايات ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ، قَالَ: «وَكَانُوا تِسعَةً أَحَدُهُم زَوبَعَةُ» الحديث رواه الحاكم في «المستدرك»(3701وذكره والدي رحمه الله في «أحاديث معلة»(311).

وسمع منه جبريل عليه الصلاة والسلام حديث الإسلام والإيمان والإحسان وبعض أمارات الساعة.

 

عدد الصحابة رضوان الله عليهم

الصحابة رضوان الله عليهم عددهم كثير، كما قال كعب بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ في سياق حديث غزوة تبوك: «وَالمُسلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَثِيرٌ، وَلاَ يَجمَعُهُم كِتَابٌ حَافِظٌ، يُرِيدُ الدِّيوَانَ» رواه البخاري (4418ومسلم (2769).

وروى مسلم (1218) عن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُمَا في حديث حجة الوداع قال: فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي المَسجِدِ، ثُمَّ رَكِبَ القَصوَاءَ، حَتَّى إِذَا استَوَت بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى البَيدَاءِ، نَظَرتُ إِلَى مَدِّ بَصَرِي بَينَ يَدَيهِ، مِن رَاكِبٍ وَمَاشٍ، وَعَن يَمِينِهِ مِثلَ ذَلِكَ، وَعَن يَسَارِهِ مِثلَ ذَلِكَ، وَمِن خَلفِهِ مِثلَ ذَلِكَ».

وقد اختلف أهل العلم في عددهم؛ لأن كل واحد منهم حدَّد باجتهاد منه وعلى جهة التقريب لا الحصر، قال العراقي:

وَالعَدُّ لا يَحصُرُهُم فَقَد ظَهَر

۞ ۞ ۞

سَبعُونَ أَلفًا بِتَبُـــــــــــــــوكٍ وَحَضَر

الحَجَّ أَربَعُونَ أَلفـــــــًا وَقُبِــــــــــــــض

۞ ۞ ۞

عَن ذَينِ مَع أَربَعِ آلاَفٍ تَنِضّ

قال العراقي رَحِمَهُ الله في « شرح الألفية»(2/135): حصرُ الصحابةِ  رضي الله عنهم  بالعدِّ والإحصاءِ متعذرٌ؛ لتفرقِهِم في البلدانِ والبوادي، والله أعلم.

 

عدد الصحابة الذين رووا عن النّبِيّ صلى الله عليه وسلم

قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَبدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ اللهِ الحَاكِمُ النَّيسَابُورِيُّ: رَوَى عَنهُ صلى الله عليه وسلم أَربَعَةُ آلافِ صَحَابِيٍّ .

وقول الحاكم: تَعَقَّبَهُ الذَّهَبِيُّ بِأَنَّهُم لَا يَصِلُونَ إِلَى أَلفَينِ، بَل هُم أَلفٌ وَخَمسُمِائَةٍ. كما في «فتح المغيث» (4/111) للسخاوي رَحِمَهُ الله.

وهناك صحابة لم يرووا عن النّبِيّ صلى الله عليه وسلم شيئًا مباشرة، ورووا عنه بواسطة كطارق بن شهاب، وأحاديثه مقبولة؛ لأنها من مراسيل الصحابة والصحابة كلهم عدول.

وهناك من الصحابة رووا عن النبي صلى الله عليه وسلم فوق الألف وهم سبعة مجموعون في:

سبعٌ من الصَّحبِ فوقَ الألفِ قد نقلُوا

۞ ۞ ۞

من الحديث عنِ المُختار خيرِ مُضر

أبـوهُريـرةَ سعدٌ جابـرٌ أــس

۞ ۞ ۞

 صدِّيقَةٌ وابنُ عبَّاسِ كذا ابنُ عُمر

ومن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم  العبادلة، قال الشاعر:

أبناء عباس وعمرو وعمر

۞ ۞ ۞

وابن الزبير هم العبادلة الغرر

يعني: عبدالله بن عباس، وعبدالله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبدالله بن الزبير.

وهذه المسألة يذكرها أهل المصطلح في معرفة الصحابة.