شيختي حفظك الله..
هل البكاء في السجود خاصة يبطل الصلاة ؟
يعني البكاء لأجل مصائب الدنيا ثم بكى العبد تألما منها وهو في سجوده يشكو إلى الله ما به، هل يبطل الصلاة؟
إذا كان البكاء في الصلاة لمصيبة دنيوية، فهذا إن كان غالبًا على النفس لا يُبطل الصلاة، قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [الطلاق: 7]. ولكن عليه أن يدافع ولا يتساهل حتى لا يحصل انشغال عن الصلاة والخشوع، فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «إِنَّ فِي الصَّلاةِ لَشُغْلًا».
وأما إذا لم يكن غالبًا فالواجب المدافعة، وأن يحرص على الإقبال على صلاته، ولا يتلاعب به الشيطان.
وانظري إلى هذه الأقوال والفتاوى التالية:
قال ابن قدامة في «المغني» (2/ 41): فَأَمَّا الْبُكَاءُ وَالتَّأَوُّهُ وَالْأَنِينُ الَّذِي يَنْتَظِمُ مِنْهُ حَرْفَانِ فَمَا كَانَ مَغْلُوبًا عَلَيْهِ لَمْ يُؤَثِّرْ، وَمَا كَانَ مِنْ غَيْرِ غَلَبَةٍ فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ خَوْفِ اللَّهِ أَفْسَدَ الصَّلَاةَ.
وقال العيني في «عمدة القاري» (5/ 190): قَالَ أَصْحَابنَا: إِذا بَكَى فِي الصَّلَاة فارتفع بكاؤه، فَإِن كَانَ من ذكر الْجنَّة أَو النَّار لم يقطع صلَاته، وَإِن كَانَ من وجع فِي بدنه أَو مُصِيبَة فِي مَاله أَو أَهله قطعهَا، وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد، وَقَالَ الشَّافِعِي: الْبكاء والأنين والتأوه يبطل الصَّلَاة إِذا كَانَت حرفين، سَوَاء بَكَى للدنيا أَو للآخرة.
وفي «فتاوى نور على الدرب» للشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ الله: وأما إذا كان البكاء لتذكر مصيبة نزلت به أو ما أشبه ذلك فإنه يبطل الصلاة؛ لأنه حدَثَ لأمر خارج عن الصلاة، وعليه فيحاول علاج نفسه من هذا البكاء، حتى لا يتعرض لبطلان صلاته. ويُشرع له ألا يكون في صلاته مهتمًّا بغير ما يتعلق بها، فلا يفكر في الأمور الأخرى؛ لأن التفكير في غير ما يتعلق بالصلاة في حال الصلاة ينقصها كثيرًا، فإن ذلك من عمل الشيطان ومن وساوسه، ومن سرقته لصلاة العبد، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة، فقال: «هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد»، وكما أن هذا واضح في الالتفات بالرأس، فهو كذلك شامل للالتفات بالقلب، فإن الشيطان هو الذي يأتي للإنسان في صلاته ويقول له: اذكر كذا يوم كذا وكذا حتى يصبح لا يدري ماذا صلى.