جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 14 أكتوبر 2021

(53)سنينٌ من حياتي مع والديْ وشيخي مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله

 تشجيع الطالب على أخذه بما يراه وعدم التقليد

الذي عهدته من والدي رَحِمَهُ الله، وكذا من جالسه وقرأ في كتبِه وسمع أشرطته يعرف منه هذا، الأخذ بالحجة، وترك التقليد.

غير أنه في بعض الأحيان قد يشدُّ في مراجعة الطالب؛ ليعرف الحق ويرجع إلى الصواب، وهذان مثالان على ذلك:

كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي رحمه الله يقول بتكفير محمد سرور، زعيم السرورية، ووالدي لا يرى تكفيره، بل ولا نعلم أحدًا كفَّره من علمائنا، وإنما يحكمون على بعض أقوالِهِ بذلك، وفرْق بين الحكم على الفعل بالكفر والحكم على الفاعل، فعارضه والدي في تكفيره.
 وزار مرة والدي وبقي أيامًا، وكان له لقاء مع الطلاب يجلس على كرسي والدي ويلقي عليهم، فألقى كلامًا وكان يحث على كتابته، فكتبنا عنه أوراقًا يَعُدُّها براهينَ على تكفيرِه.

من أشدِّها وأخطَرِهَا : قول محمد سرور في كتابه « منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله» : نظرت في كتب العقيدة فرأيت أن أسلوبها فيه كثير من الجفاف؛ لأنها نصوص وأحكام..

وقد تحدثت مع والدي رحمه الله بعد ذلك، فقال: هذه لا تدل على تكفيره، وبعضها لم يفعلها هو إنما أتباعه.

ثم سافر السعودية وتراجع عن تكفيره؛ بسبب مجالسة بعض الناصحين.

فحدثني والدي وقال كلامًا: أحسن يزنقونه، وجعل يقول بيده هكذا..، وقد ناصحته قبلُ ولم يتراجع.

هذا المثال الأول.

ملاحظة: الزنق التضييق.

قال أحمد بن فارس في «مقاييس اللغة»(3/28): الزَّاءُ وَالنُّونُ وَالْقَافُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى ضِيقٍ أَوْ تَضْيِيقٍ.

مسألة خدمة المرأة لزوجها:

 والدي يرى وجوب خدمة المرأة لزوجها، والجمهور على عدم وجوب خدمة المرأة لزوجها، قالوا: لأن مقتضَى العقد يقتضِي الاستمتاع فقط.

وكنت أقول سابِقًا بقولِ الجمهور، لكن بفضل الله فيما بعدُ اقتنعتُ بالقولِ بالوجوب؛ لقوَّةِ الأدلة فيه، ولأن قيامَ المرأة بذلك تنتظِمُ الحياةُ الزَّوجية.

 هذه المسألة شدَّ فيها والدي رحمه الله على إقناعي أن المرأة يجبُ عليهَا خدمة زوجِهَا؛ ولعله بسبب أن النساء عندنا قد يتأثرنَ بقولي، وقد لا يفهَمْن -أنه إذا سقط الوجوب فيبقى الاستحباب من الإعانةِ وتودُّدِ المرأة إلى زوجها بخدمتِه وإعانتِه والبعدِ عمَّا يكرهه -، مما قد يؤدِّي إلى تفكيكِ بعضِ الأُسَر، وخاصةً عندنا في دماج.

رحمه الله من معلِّمٍ حكيمٍ.